كيف ترضي عن الله ؟ الجزء الثاني

كيف نرضي عن الله ؟

الجزء الثاني

الجزء الثاني

  نكمل معا محاضره الدكتوره اناهيد

تشعر أن عدم وجود الأمر الذي تريده سيسبّب لك كدرًا،  لا تستطيع إدراك أبعاد الحكمة، وكم أحياك سنين وأنت عنه ساخط، ثم أراك كمال حكمته، كم مرة دعونا في سنين كثيرة ثم لما نضجنا حمدناه وحده لا شريك له أن لم يستجب دعاءنا لأننا كانت لدينا اختيارات فاسدة، كانت ستفسد حياتنا، لولا أنه -سبحانه وتعالى- شملنا برحمته لكان قضى علينا دعاؤنا، لكن هذا من معاملة خلقه بالرحمة.

👈أنت ترى أن هواك يحقق لك المصالح، ترى أن هواك يوصلك للمراد، أنت معظم للهوى، لهوى نفسك ورغباتك، لما تراه من عقلك صواب وحكمة، ترى اختيارك الذي يوافق هواك هو الصواب، فلما عظـُم الهوى -أي الشيء الذي أريده- وأتت أفعال الحكيم العليم تخالف الهوى، بسبب عظمة الهوى في نفسك، التفتّ إلى العظيم -سبحانه وتعالى- فلم ترضَ عنه؛ لأن هواك هو المعظَّم عندك، فأصبحت أول طرق الرضا عن الله معرفة أنك عبد ضعيف، ما تهواه قد يكون سببًا لهلاكك وأنت لا تدري.
حن حساباتنا ضيقة، ودائمًا عمياء من زاوية، هناك شيء لابد أنك لا تراه، فكم من إنسان مسؤول ومشغول معتنٍ بالأمانة التي عُلّقت في عنقه -وهذه مواقف حقيقة يحكيها أهلها-، تكون مسؤولة في التعليم وتهتم ثم تنسى ابنتها في المدرسة! لماذا؟ لأنني حتى أفكر في المصالح ما عندي إلا قدرة محدودة فأحيانا أنسى مصالح عظيمة بسبب أني لا أستطيع التفكير إلا بمحدودية في المصالح، فكونك ترفض هواك يبدأ من صغير الأمور قبل كبيرها.

💝كيف نرضى عن الله؟💝
لا تجعل الهوى مصدر رضاك. الهوى أحد البلايا، ما تحبه وتهواه أحد البلايا التي تعيشها، فاعلم أن جعلك الهوى ورغبتك وما تريده مصدر رضاك عن الله يعني أنك لن ترضى أبدًا، وستوافق أولئك القوم الذين وُصفوا بالنفاق، ذاك الذي ((إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ)) أحد مقاييس الإيمان والنفاق أن المؤمن راضٍ عن ربه دائمًا، والمنافق متذبذب، وقتما يُعطى شيئًا على هواه يرضى، ووقتما لا يُعطى لا يرضى! أي أنه يشكر ربنا وقتما يعطيه، وإذا ما أعطاه يقول: دائما أدعُ ربي ولا يستجِب لي، تقولون أن ربنا سميع وبصير وقريب وأنا ما أرى ذلك! يُنكر حتى قُربه وسمعه وبصره! لأنه ما رأى أثره -في تصوّره-. والشهر الماضي والذي قبله والذي قبله؟ كل هذه شواهد في حياتك تُنسى مادام هواي الآن لم يُحقق! 
😭فأول عدو للرضا عن الله هو الهوى، وسبب تمكن الهوى من الخلق أنهم يرون الكمال لعقولهم، فأكون مرتّبًا للمسألة ترتيبًا معيّنًا، في ترتيبي أن هذا الطريق يوصل للصواب، فلما ينقلب الترتيب أظن أني لا أصل إلا إلى فساد، في مقابل أنك لو أحسنت الظن بالله وقلت: "الله -عز وجل- أعلم بمقصدي ومرادي، وهو الذي يسبّب الأسباب للوصول إلى مرادي" فسلّم له الأمر، ولهذا ستجد في النقاش حول الرضا لابد أن يدخل الكلام حول التوكل وهو قلب التوحيد، التوكل قلب التوحيد النابض. إذا كان التوحيد له قلب فقلبه التوكل، وإذا التوكل قلب فسويداؤه الثقة بالله. كيف تتوكل على الله؟ لما تعرفه فتثق به.

❓سائلة تسأل عن شخص ليس ساخطًا ولا راضيًا، لا حامدًا ولا ساخطًا، لا يوجد لجوء لله ولا بُعد عنه.
✅الجواب: هذا فقط يحتاج إلى تحريك جيد للجوء إلى الله، كأنه مستعد للجوء إلى الله وبقي عليك أن تحرك فيه هذا. 

❓سائلة تسأل: هل الناس درجات في الرضى؟
✅الجواب: نعم على قدر علمهم عن الله.

لازلت أناقش النقطة الأولى: كيف نرضى عن الله؟
بدأ الجواب بتحرير العكس: لماذا يسخط الناس على الله؟ أين تظهر مواطن السخط ؟ لما تأتي الأحداث على خلاف الهوى.

💭لما تحرّر مسألة الهوى تذكر قصة موسى -عليه السلام- مع الرجل الصالح وانظر إلى المواقف الثلاث، ما الهوى في السفينة؟ أن تبقى سليمة. أتدري أن خُرقًا في سفينة يُرقع بأيسر الأمور سبب لسلامتها؟ لكن عقلك يقول: كيف؟ كيف تخرقها وتقول أن هذا سبب السلامة؟ ومثله: كيف يُقال لأم موسى: {فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ} ؟
💊ما سويداء هذا التوكل؟ الثقة به -سبحانه وتعالى-، أن تكون شخصًا مليئًا بالثقة بالله. من أين تأتي الثقة؟ من المعرفة. تعرف وتثق، فلما تثق ستقرأ الحدث بلغة واضحة. 
مشكلتنا أننا نقرأ الأحداث بلغات ضعيفة! هذه الأحداث التي تدور حولك مكتوبة بلغة خاصة، كيف تفكها؟ بالعلم عن الله، والثقة به. فلما تقرأ حدثًا وتكون على ثقة تامة بالله لا بد أن تقرأه بأسلوب صحيح، لا بد أن تقول: وراء هذا الحدث الغير المفهوم أو الذي لا يوافق الهوى ما يرضيني ويرفعني، وكم مِن خلق تراهم ضعفاء في قيامهم وصيامهم لكنهم منطوون على قلوب راضية عن الله، وهذا الرضا هو الذي يسبّب لهم أعالي الدرجات، ليس بسبب كثرة الصيام والقيام، لكن بقوة اليقين والثقة بالله، وهذه فوارق لا يشعر بها كثير من المستقيمين، كثير مِن الناس يقيسون الاستقامة بمقدار العمل، لا يعرفون أن هناك كثيرون في الزوايا والبيوت موجودون، منازلهم في الجنة عالية بمقدار ما في قلوبهم مِن رضا عنه -سبحانه وتعالى-.                                           🎈
فكلما أتى أمر على خلاف الهوى رضّوا أنفسهم أن الذي اختاره هو الحكيم العليم كامل الصفات واختياره خير من اختياري، ولو رأيت هذا جيّدًا سترى كثيرًا من الأمراض النفسية تذهب؛ لأن القوم الآن يصيبهم التردّد مثلاً، وهذا أحد الإشكالات، أني كلما أردت أن أقدم على خطوة أتردد وأقلق وأبقى قبل الحدث بأسبوع أو أسبوعين أو ثلاثة أسابيع في حالة اضطراب شديد، مع أنك لو أحسنت معرفة الله وتوكلت عليه ووثقت به، لنمت قرير العين، استخرته وكنت هادئًا بعيدًا عن التردّد، هذه حال، فالقلق يأتيني من التردّد، وحالات الاكتئاب أيضًا تأتي من عدم الثقة بأن المستقبل بيد الله، وأنّ المُلك مُلك الله، فهذا كله يسبّب لك أن ترى أحداث تحدث في الحاضر فتقول: إذا كان هذا أولها فمعروف تاليها، إذا اليوم الناس متخرجين من الجامعات وما عندهم وظائف فغدًا سيكون كذا كذا، وتتكلم عن المستقبل. كل هذا له سبب واحد: أنّ هواك هو حكمك في السخط و الرضا.

❓فكيف تعالجه؟ هل تعالجه بأن لا تهوى ؟
لا، ستهوى، هذا طبعك، لابد أن تهوى و تتمنى وترجو وتحب، لكن لا تجعل هواك حكمًا على أفعاله -سبحانه وتعالى-، أهوى هُنا أي: (أحب، وأرجو، وأتمنى)، أتمنى أن أتخرج من كلية كذا، أتمنى أن ألتحق بكذا، أن أسكت في بيت كذا، وأحيانا تجتمع هذه الأماني وتكبر، فنجمع المال لنشتري بيت أو أرض أو شقة، فأذهب وأجدها بيعت، فأمام هذا الموقف يحصل انهيار نفسي "أنا دائمًا حظي كذا!" أو تبيع أرضك قبل أن تغلى الأرض بقليل، فتبيعها بمبلغ زهيد، و الذي بَعدك يبيعها بمبلغ عالٍ، فتكاد تنقطع حسرة، لا، ليس هذا ما يُتحسر عليه! كان هواك أن تكسب هذا المبلغ، لكن لا تدري لو دخل عليك هذا المبلغ كم سيفسدك، كم سيقطّع أرحامنا، كم من بيوت وأموال قطعت الأرحام، كم من إخوان كانوا مجتمعين فلما دخل عليهم المال قطع قلوبهم. المقصد: اختياره خير من اختياري.
👍أنا أهوى هذا الأمر، أتمناه، لا أحد يقول لك لا تهوى، لكن لما تهوى ويأتي قدر الله -عز وجل- مخالف لما تهواه، مباشرة يكون عندك مشاعر أن الذي قضى هو الأحكم الأعلم، الذي قدّر هو الملك العظيم، الذي أخذ هو الذي يعطي في كل حين.
ما الذي يسخطنا؟
هوى نريده، وأحداثًا وأقدارًا تأتي خلاف ما نريده، فهذّب هواك، تمنّى لا بأس، لكن لما يأتي الأمر على خلاف أمنيتك، لا تكن ضعيفا، يجب أن تكون مشحونًا، إذا أتى فالحمد لله، عسى الله أن يكتب فيما أتمنى ما أريده، وإذا لم يأتِ فاختيار العليم الحكيم خير من اختياري.
😔المشكلة الأكبر لو أتى: كم من أمنية تمنيتها وأتتك ابتلاء؟ كم أمنية تمنيناها فقلت: "والله لو تزوجت رجلا صالحًا سأفعل وأفعل"، وتتزوج المرأة رجلاً صالحًا فتفسد عليه صلاحه!، ياما شهدنا نساءً كُنّ سببًا في إفساد الزوج الصالح، أو بالعكس. كم من الأماني حُققت لك فكانت بلاء عليك
ثم اعلم أن هذا أحد الابتلاءات في الحياة: أن يرجو الإنسان ويلح ويلح فيعطيه الله اختبارًا له، وهذه مسألة أخرى تحتاج إلى نقاش آخر؛ لأنه لما يأتيك ما هو على هواك ندخل في زاوية أخرى من الأخطار: إما قانون الجذب عند مَن يفكر بنقص عقل، وقانون الجذب ليس كلامًا جديدًا بل قديم، وهذا بلية، وكل يوم نسمع من البلايا الشيء الجديد. قانون الجذب يقول لك: "لو فكرت في الشيء كثيرًا أتيت به، لو فكرت في أمر كثيرًا وطلبته جذبته إليك، حتى لو أردت أن تسيطر على أحد محبة ففكر به حتى تأتي به!"، و هذا يتحقق ابتلاء منه -سبحانه وتعالى- هذه قضية أخرى تحتاج إلى نقاش بصورة أخرى.                                 🌹
المسألة الثانية : النسيان.
🍇وأخبر الله -عز وجل- عن هذه الصفة في بني آدم كما في طه: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} النسيان وما أدراك ما النسيان! ماذا نقصد بالنسيان؟ نسيان النعم، وهذا النسيان ابتلينا به مِن عند آدم -عليه السلام- هذه علة عليلة كلنا نشترك فيها (نسيان النعم).

🔮ما تفاصيل هذا الطبع ؟
نحن عندنا ذاكرة، المفروض أن نغتنمها في أن نُبقِي الذكر الحسن لربنا، كل مرة أخرجك الله مِن الأزمة لا تتذكر الأزمة، تذكر الإخراج، ولك في ذلك سلفٌ حسن، يوسف -عليه السلام- قال في وصف الأحداث؟ {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ} ما قال: ودخلت وخرجت، فقط تكلم عن الخروج، فهكذا العبد الراضي عن ربه الذي يعلم أن ربّه لطيف، عنده ذاكرة حسنة، ذاكرة: كيف خرجنا من الأزمة.
كل آخر شهر يمر ذوي الدخل المحدود بالأزمات ويخرجهم الله، ويأتيهم الرزق مِن حيث لا يحتسبون، ويجدون مائة أو مائتين محشورة هنا أو هنا، فتكون فرجًا عظيمًا، أو يأتيهم أحد يقول لهم: استدنت منكم قبل سنتين، فنقول: تعال جزاك الله خيرًا، وهناك مشاعر بهجة أن فرجًا أتى. فتأتي الشهر القادم وقد فُرّج عنك الشهر الماضي فتقول: هل كل مرة ستُعاد الكرة وسيأتي شخص استدان منا؟! فبدلًا من أن تزداد ثقة بالملك الرزاق يُنسيك الشيطان الفرج الأول، وليس ذلك فقط، بل يجعله لا شيء، يجعله بسبب الدين الماضي، لكن مَن ذكّره في ذاك الوقت بالدين؟ كيف قلبت الصفحات فوجدت هذه الـ 100 جنيه داخل الكتاب؟ مالُك قد يكون محبوسًا عند أشخاص فيأتيك الله به في الوقت المناسب، فالنسيان طبع ابن آدم.
نحن نستخدم ذاكرتنا في الأحزان، نطرب بإعادة سلسلة الأحزان، وكل شخص له دفتر يكتب فيه مآسيه! على مَن تكتب مآسيك؟! على الرحمن الرحيم ؟! على الملك القدوس السلام؟! على الجبار الذي جبر قلبك؟! هل لما يجبر قلبك وينسيك تقوم أنت تقلب صفحات الأسى ؟! وهذا الكلام أخُص به الشباب؛ لأن الشيطان قد تخبطهم، شياطين الإنس والجن بالطبع، و هناك مَن رسم لهم رسما. في كثير من دفاتر الشباب التي أطّلع عليها في المناسبات كلامًا لو حاسبنا الله عنه لذهبت بركات البلاد والعباد!
✊لماذا ؟ كلها كفران بالنعمة، لا تكلمك إلا عن شخص كأنه في سجن كبير و قحط عظيم! ما هكذا تعامل ربك! حتى أنك تحرر الأسى ولا تحرر كيف أكرمك وأنعم عليك وأعطاك وأغناك وجعلك محفوظ النسب ومكرمًا وجعلك من أهل السنة والدين طريقك! هل كل هذا تنساه ولا تذكر إلا ما نقص من هواك؟! نعم يمر الناس بأزمات لكن أليس لهذه الأزمات الرب الكريم الذي يخرجك منها؟ فعندما تريد أن تتذكر وتُبقي لك ذاكرة تذكر عطاءه ورحمته، لا أن تبقي في ذاكرتك كل الأسى الذي عشته! عشت قبل 10 سنوات أسى وها أنا أراك بصحة جيدة فما بالك لا تذكر عطاياه؟ ما بالك تنسى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} ؟ أين أنت من هذه الآية؟
😪الأسى إنما هو منزلة عالية، كل ما مررت به من آلام لن يذهب، ستجده في الصفحات مكتوبًا صبرًا يعليك في منازل الجنة، لا تتصور أن ربك ينسى شيئًا {فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} ، لكن لا تُبقي في كتابك وذاكرتك إلا ما يزيدك رضا عن الله.😊😊
لماذا لما ندخل الأماكن لا يذكر أهلها في هذه الأماكن إلا ما آساهم؟ نكون عشنا 10 سنوات حياة طيبة ثم افترقنا على نوع أسى، فلماذا لما أراك بعد عشر سنوات لا أتذكر إلا مقطع الأسى؟! ماذا عن مقطع الآمال والحياة الطيبة التي عشناها؟! هل كلها تذهب؟! هذه ليست فقط صفة النسيان، بل أيضًا صفة النكران والجحود، فخَف الله في نفسك وأبنائك. 
🙋تكون المرأة متزوجة منذ 30 أو40 عامًا ولا تذكر زوجها إلا بسوء! أبعد هذه العشرة وهذا العمار؟! أتظنّ أن حياة تخلو من كدر؟! ألم تعرف وصف الحياة ووصف خلقك؟ {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} لا يمكن أن تأتي الحياة مخالفة لذلك وهذه سنة الله، والكبد هذا مؤقت، كلها 60 أو 80 سنة، كلمح البصر، كأنك دخلت مِن باب وخرجت من الآخر، ثم -نسأل الله عز وجل من فضله- الخلود في جنات النعيم.
مرحلة تعيشها فلا تكلمني عن الأسى الذي فيها، كلمني عن العطايا واللطف والنقل من ضعف إلى قوة ومن جهل إلى علم، كل شيء يمشي من أجل أن يوصلك إلى الله فهل تنكر نعمة الله؟! هل تنكر أن علمًا انتشر؟! هل تنكر أن جهلاً انكشف؟ هل تنكر أن طعامًا تأكله من أطايب الطعام؟! هل تنكر أن كل نعيم من نعيم أهل الدنيا تراه؟ وكل هذا غمضة عين، اسأل أنعم أهل الدنيا، سيخبرك أن ما مضى من نعيم كالحلم! 
اذهب واجمع أموالك واسكن في أفخم فندق، 7 نجوم، واجلس خمسة أيام ثم اخرج في اليوم الخامس، هذه الـ 5 أيام لا شيء، لا جدران الفندق ستحملها معك، ولا الفخامة التي فيها ستكون سببا لسعادتك في مستقبل الأمر، ولا أي شيء، وهكذا الدنيا، كمُقيم في نعيم فغادره سريعًا! فإذا كانت متاع الغرور فما بالك لا ترى فيها عطاء الله؟! ما بالك تنظر فقط للنقص؟! هذه الصفة: (نسيان عطايا الله) توصل العبد أحيانًا إلى جرائم في حق الربّ، وإلى سبّ لله، و إلى أن يكون جحودًا كفورًا بنعمة الله، فلا تكن مثل هذا. ألا ترى أن الله في سورة الإنسان قسم الناس إلى قسمين : {إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} ثم انظر إلى ما وراءك وكيف نقلك الله وأعطاك الله، وكيف أنه سبحانه وتعالى حفظ عليك بدنك وسمعك وبصرك، وأهمّ مافي هذا كله أنه حفظ عليك قلبك، فهذه كلها من النِّعَم التي تُذكر فتُشكر.
👇👇👇👇👇👇👇👇👇👇
لا تجعل لك ذاكرة سيئة عن الحياة، اجعل لك ذاكرة طيبة عن أفعاله -سبحانه وتعالى-، هو الذي شرح صدرك ومتّعك بالصحة و العافية، وأنامك بلا قلق، وأحياك بلا تعب. 
والله كثير ممن يأكلون لا يعرفون معنى أن تأكل هنيئًا مريئًا! هذه القناة التي تدخل فيها اللُّقمة كم من ميّت مات بسبب اختناقه في هذه المنطقة! كم من شخص من المرضى والله لا يهنؤون بلقمة يأكلونها، لا تصل اللقمة للمريء أبدًا، هؤلاء الأشخاص بالآلاف، يرى الناس يأكلون وما يستطيع أن يأكل إلا سوائل، وبالماء يَشْرَق! لابد أن نستعرض كمية الأمراض التي تتصل بأن تأكله هنيئًا مريئًا.
🍖🍗أنت تأكل متى تريد ومتى تشتهي، وهذا مسكين يقول: إذا كان هذا مصنوعًا من الدقيق فلا أستطيع أن آكله لأنه يتجمع فينقبض في المريء، و إذا كان مصنوعًا من كذا فلا أستطيع أن آكله" إلى هذه الدرجة! ثم أن مثل هؤلاء غالباً لا يستطيعون أن يأكلوا إلا شيئًا مُسكّرًا ليذوب سريعًا في الفم، ويكون مصابًا بالسكر فلا يستطيع أن يتهنأ به! فتجده يأكل على أضيق المسائل، وأنت تأكل ما تريد، وقتما تريد، دون أن تفكر! 
😳أليست هذه نِعَم ؟!
مشاهد بسيطة من مثل هذا تجعلك تعرف ما قيمة ما أُنعم عليك، لكن مصيبة النسيان تجعل العبد بمجرد أن يأتي شيء على غير هواه ينسى كل النعم التي كان فيها وينسى كل فضل الله عليه، فاجعل هذه ذاكرة تجترّها ليلاً ونهارًا: حفظك، جعلك من أهل الإسلام، كل مفقود لاشيء، مادامت الفتنة ليست في ديني، كل شيء لا يساوي شيئًا مادمت لازلتُ حيًّا أستطيع أن أتوب وأعود وأشتري جنات النعيم بهذه الساعات الباقية من حياتي.                                                                         🍒
أريد أن نجمع عاملين إلى هنا:
1. ادفع هواك و لا تجعله حاكمًا على أفعال الله، اختيار الله خير من اختيارك.
2. نظِّف ذاكرتك واجعلها قويّة فيما عشته مِن التفريج والخروج مِن الأزمات، وفي المواقف التي عاشها مَن حولك في مثل هذا.

لما تجلس في مجلس لا تكلم الناس عن أقدار وَقَعَت مِن الله على الخلق مِن جانب السوء، كلمهم عن أقدار وَقَعَت من الله على الخلق وكيف فرجها عليهم، حدّث بنعمة الله. وإذا وجدت قومًا يخيفونك مِن الكريم العليم بأن مصيبةً ستحصل، وجفافًا سيكون، وغرقًا سيكون -إلى آخر الكلام الذي تسمعه- كن مؤمنًا به وبرحمته، وكن على يقين أن استغفارًا وتوبة سبب لتفريج هَمٍّ واقع.

✌اتفقنا على أمرين:
1. انتبه لهواك، ولاتجعله حَكَمًا على أفعال الله، ولا تجعله سببا للرضا والسخط.
2. قَوّي ذاكرتك واجعلها في الخير والبركة، وادفع عنك ذاكرة الأحزان.                        👇👇👇                                                                                        ⭐ عندنا ثلاثة أمور:
1. الهوى.
2. النسيان.
3. تعظيم المصيبة.

المسألة الثالثة: تعظيم المصيبة.
تعظيم الناقص طبع لابن آدم في أن يرى ما نقص عليه عظيمًا، والسبب في ذلك ثلاثة أمور، فكلما رأيت شيئًا نقص عليك ورأيته عظيمًا، اعلم أن أحد هذه الثلاثة أمور شاركتك في هذه المشاعر:

1. المحيط، والناس، والعادات و التقاليد، والمجتمع .
2. الطمع.
3. الجهل، أن يكون جاهلاً.

💐أسأل الله لي ولكم أن نكون من الراضين عنه -سبحانه وتعالى- ومن الموفقين في عبادته كما يحب ويرضى.

انتهى اللقاء ولله الحمد والمنة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق