سورة البقرة من الآية (30) إلى الآية (32)

سورة البقرة من الآية (30) إلى الآية (32)

ـ فضيلة الشيخ د. محمد الربيعة





نواصل حديثنا قد وصلنا إلى قصَّةٍ عظيمة يُظهِر الله تعالى فيها كرامة بني آدم ، وكيف أنّ الله تعالى شرّفهم واختارهم لحمل أمانته ، وكيف أنّ الله عزّ وجل كرَّم هذه الأمّة المحمدِّية وشرَّفها بالإمامة بعد ذلك .
معنا قصَّة آدم عليه السَّلام , من الآية ( 30 - 39 ) قال الله عزّ وجل : ) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ ...(  هذه
الآيات تُركِّز على إكرام الله عزّ وجل لآدم بالخلافة , إنَّ هذا الحديث يصل
 بمقصد السُّورة التي ذكرنا أنّها في إعداد أمّة الإسلام للخِلافة والإِمامة وحمل أمانة الدّين وتكليفُها بالشَّريعة وأمُرها بالتبليغ ، جاءت هذه القصّة الكريمة لتكون إشارة إلى أوّل استخلافٍ في الأرض وأنّكم أيُّها الأمَّةُ المحمدية ورثةٌ لأبيكم آدم - عليه السّلام - في هذا الاستخلاف .
و تدُّلُنَا على أصل الخَلق البشري ، وحكمة اللهُ عزّ وجل في خلقهم وهو تكريمهم وتكليفهم بالخلافة , ولذلك الله عزّ وجل قـال : ) إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ( ما قال بشر ولا قال آدم قال : ) إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ( وفي هذا إِشارة إلى أننّا نحنُ الجنسُ البشري قد استخلفنا الله تعالى في هذه الأرض لعمارتها بطاعته وعبوديته ، 
   وذكرنا مناسبة هذه الآيات لسياق السُّورة وأنّها تصِل هذه الأمّة المحمدّية المستخلفة بأوّل خليفةٍ في الأرض وهو أبوها وهو الأصل الأوّل لها وهو آدمَ عليه السِّلام .  نُتابع الحديث في تأمُّل الآيات آية آية .
الآية الأولى هي قول الله عزّ وجل : ) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) (
هذه الآية غرضُها وهدفُها في بيان حكمة الله في خلق آدم وهو الاستخلاف في الأرض لِعبادة الله عزّ وجل استدلالاً بذلك على ذُرِّيته من تبعه من بعده في لزوم إتباع الهُدى .
وقال الله عزّ وجل : ) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ ( والحديث والخِطاب لمن ؟ للنَّبي - صلى الله عليه وسلّم - ثمّ لمن بعده من أمتّه لكلّ من قرأ هذه الآيات ، فالحدّيث ابتداءً متوّجهٌ إلى النّبي - صلى الله عليه وسلّم - .
وهذا فيه لطيفةٌ مهمّة توجيه الخِطاب للنّبي صلى الله عليه وسلّم ماذا يُشعِر ؟
يُشعِر  بأحقِّيَته وأحقِّية أمّته في وراثة هذه الخلافة العُظمى وهذا التَّكريم ، كأنّه تسليم له لهـذه الخِلافة
ثمّ أيضاً إخبارُ الله - عزّ وجل - لملائكته عن استخلافِه لآدم في الأرض ، ماذا يُشعِر ؟ 
يُشعِر بأنَّ هذا الأمر ذو شأنٍ عظيم عند الله  عزّ وجل  ولو لم يكن كذلك لمـا أخبر ملائكته بذلك ، 
فهذا يدُّلنـا على كرامتنا عند ربِّنا وأنّ الله - عزّ وجل - أخبَر وأعلَم ملائكته بذلك 
, ثم أيضاً التنَّصيص على وظيفة الخِلافة دون أن يقول إنّي جاعلٌ في الأرض خَلقاً أو بشراً إبرازٌ لماذا
 إبرازٌ للقيمة الكبرى والمهمَّة العُظمى لهذا المخلوق ودوره في الأرض
 ، وأنّه بهذه الخلافة يُعتبَرُ عامِلاً مُهمَّاً في نظام الكون كُلَّه إذ أنّ خلافته في الأرض تتعلّق بارتباطات شتّى في الكون، بسمائِه ، وأرضه ، وشمسه ، وقمره ، ورياحه ، وأمطاره كُلُّ هذه المخلوقات مربوطةٌ بهذا المخلوق في عبوديته للّه عزّ وجل , فهذا يَدُّلنا على فضل هذا المخلوق وعِظمِ شأنِ ما خلقه الله تعالى له .
ثمّ قال الله عزّ وجل في قول الملائكة : ) قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ (
هذا القول من الملائكة هو اعتراض ، أم هو تساؤل ، أم هو تعجُب ؟!
اختلافُ العلماء في ذلك كبير ، لكن الصَّحيح الذّي عليه جمهور المُفَسِّرين هو أنَّ قولهم ذلك تَعَجُباً ) قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ( يعني كيف يكون خليفة ومن ذرِّيته من يُفسد ويسفِك الدِّماء !
 فهُم قالوا ذلك على وجه الاستغراب والتّعجب من كون ذرِّية هذا الخليفة يحصُل منهم ذلك ، 
مع أنّهم أيّ الملائكة مُقيمون على ماذا ؟ 
على التّسبيح لله - عزّ وجل - والسَّلامة من الآثام ، فغرضُهم شدّة التّعجب مع التّعريض بأنفسهم أنّهم أولى بذلك لأنَّهُم يُسبِّحون الله - عزّ وجل - ويُقَدِّسونه وهم سالمون من الآثام ، 
وخَفيت عليهم السَّلام حكمةُ الله العُظمى في شأن هذا الخَلق وما سيكون فيه من مصالح عظيمة .
وهُنا سؤال مُهِم قد يَرِد على ذهن كُلِّ واحِدٍ مُتدَّبر !
كيف عَلِم الملائكة أنّ هذا المخلوق سيكون من شأنِه وشأن ذُرِّيته الإفساد وسفَك الدِّماء ،؟
القول الأوّل : أنّ ذلك قيِاساً على من سَكَن الأرض قبل هذا المخلوق وهُم الجِنّ ، على ما تذكُر الرِّوايات هذا قول وهو قولٌ قويّ .
القول الثاني : وهو قد يكون أقوى من القول الأوّل ، وهو أنّهم حينما اطَّلَعُوا على طبيعة هذا المخلوق وأنّه أجوف وعَرَفُوا أنّه بِخلقته ضَعيف لن يستطيع أن يُقاوم , فَرُكِّبت فيه الطَّبائع الأربع فعرفُوا أنّه سيكون منه ذلك .
القول الثالث : وهُو القول الأصّح عندي - والله أعلم - بعد تحرير هذه المسألة , هو أنّ الله عزّ وجل أخبرهم أطلعهم على ذلك قال : ) إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ( وهذا فيه بعض الروايات واردة ، قالوا : وماذا يكون من شأن هذا الخليفة ؟
قال يكون من شأنه كذا ، وكذا وكذا ، وأنَّ من ذُرِّيته من يُفسِد ويسفِك الدِّماء ، يعني أنّ الله أخبرهم بذلك عن أن يكون شأنهم ، وهذا أمرٌ قد يكون قريب لأنَّ الملائكة حين أخبرهم الله بذلك قالوا ما شأن هذا الخليفة ونحن نعبُدُك ونُقدِّس لك ! يعني قائمون بعبوديتك ، فماذا يكون من شأنه ؟! 
هل هُناك شيء سيقومُ به هذا المخلوق غير ما نقوم به من التَّسبيح والعبادة لك بالطّاعة ؟!
فقال الله ومن شَأنه كذا وكذا وكذا ، وأنّ من شأن ذُرِّيته من يُفسد في الأرض ويسفك الدِّماء ) قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ( تَعُجُّباً ، كيف يكون ذلك ؟! 
وهذا مَعنىً يظهر والله تعالى أعلم أنّه أدَلُّ وأقرب لما أخرجه ابن جرير وغيره عن ابن عبّاس وابن مسعود وأناس من أصحاب النّبي صلى الله عليه وسلّم أنّ الله عزّ وجل قال للملائكة : ) إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ( قالوا ربُّنا وما يكونُ ذلك الخليفة ؟! قال يكونُ له ذُرِّية يُفسدون في الأرض ويتحاسدون ويقتُل بعضهم بعضاً ، فقالوا : ) أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ 
وعلى كلِّ حال فالأقوال الثّلاثة كلُّها واردة .
ما معنى قول الملائكة نحن نسُبِّح بحمدك ونُقدِّس لك ؟ وما الفرق بين التَّسبيح والتقدِّيس ؟
التسبيح هو التَّنزيه كما قال ابن جرير
ومقصودُهم هو تنزيهُهُ عزَّ وجل عمّا يقع من هؤلاء من الكُفُر والشِّرك وهو الإفساد في الأرض ، وأعظم الإفساد في الأرض لا شك هو الكُفُر . فلمَّا أخبرهم بأنَّ من هؤلاء من يُفسِد في الأرض قالوا : ) وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ( يعني ننُزِّهُك عن هذا الشِّرك الذّي يقع من هؤلاء وهو أعظم الذّنب ) وَنُقَدِّسُ لَكَ ( أيّ نُطَّهِرُ أنفسنا لك , وليس معنى نقدس لك يعني نقدسك أنت وإنما قالوا نقدس لك بمعنى نطهر أنفسنا لك ، والتَّقديس هو التَّطهير بمعنى أنّهم يُطَّهِرُون أنفسهم من أعظم الآثام ومن أعظمها سفكُ الدِّماء . فانظروا كيف قابلوا الإفساد بالتَّسبيح وقابلوا القتل بالتَّطهير والتَّقديس , ولو كان المقصود تقديس الله لقالوا : ( نُقدِّسُكَ ) .


قال الله عزّ وجل : ) إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ( ما مَعناه ؟! اختلف المُفَسِّرون فيها اختلافاً طويلاً ، لكن الرَّاجح والله تعالى أعلم أنَّ المراد علمه سبحانه وتعالى بالحكمة من خلق آدم عليه السّلام ، وأنّ في ذلك من الخير العظيم الذّي لا يعلمونه , ومن ذلك ما يُشعِرُ بأنّه تعالى سيُظهِر من ذريّة هذا الخليفة من خِيَار خلقه ، ورسله ، وأنبيائه ، وصالح عباده ، والشُّهداء ، والصّالحين ، والصِّديقين ، والعلماء ، وأهل الإيمان والطّاعة ، والجهاد من قد يكون خيراً من الملائكة كما ذكر هذا ابن القيّم - رحمه الله تعالى - 
وبأنّ وراء خلق هذا الحال مصالح أخرى لا تعلمُها الملائكة من إقامة أمر الله وإظهار سبحانه وتعالى حِكَمِه وآثار أسمائه وصفاته ، لو لم يكن هذا المخلوق , كيف يظهر اسم الله الغفور ؟! وكيف يظهر اسم الله القدير ؟ قدير على الكافرين ، وغفورٌ للمؤمنين

التّائبين ، فلا تظهر أسماء الله وآثارها إلا بهذا المخلوق وأعماله ، فيحصُل من وراء ذلك المخلوق ، حِكَمٌ عظيمة عَلِمَها الله - عزّ وجل - وخَفيت عن الملائكة - عليهم السّلام - .
ثمّ بعد ذلك أيُّها الإخوة أراد الله وله الحكمة البالغة أن يُبيِّن للملائكة فضلَ آدم ، وفضائله ، فأوَّلُ فضل وأوُّل تشريف هو إخبارُهم بأنّه خليفة ، ثمّ جاءت الخَاصِيَّة الثَّانية والتّشريف الثّاني وهو قول الله عزّ وجل : ) وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) (  .
في هذه الآية أيُّها الإخوة تعيين الخليفة بأنّه آدم وتشريفُه بفضيلة العلم ، التي هي من أعظم ما يَشرُف بها الإنسان ، بعد بيان فضيلته بالخِلافة في الأرض إظهاراً لتكريم الله - عز ّوجل - لبني آدم بالعلم ، وإلزاماً بالإيمان به ومعرفة حقِّه سبحانه , إذ العلم يبعث على الإيمان بالله ومعرفته ، والعلم يُورِثُ المعرفة .
انظروا وتأملُوا معيّ قال الله : ) وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ ( إبراز اسمِ آدم في مقام العلم يدلُّ على شرف وذو شأن ، ما قال علَّمه أي هذا الخليفة وإنما قال : ) وَعَلَّمَ آَدَمَ ( فهذا فيه إبرازٌ لاسمه تشريفاً له ، تنصيصاً عليه ، وفي قوله : ) وَعَلَّمَ آَدَمَ ( فيه معانٍ ظاهرة في فضيلة آدم وجنسه البشريّ بالعلم منها
أوّلا : التَّرقي من تشريف آدم بالعلم بعد ذكر الخلافة .
ثانياً : الإشارة إلى أنّ العلم والمعرفة هو المنوط للخلافة والعمدة فيه . يعني الخلافة والإمامة في الدِّين تستلزم العلم ، وهذا الذّي يكون في الأنبياء والمرسلين يبعثهم الله ويُرسِلهم بالعلم ، فلا تقوم الخلافة والاستخلاف إلاّ بالعلم .
ثالثاً : أنّ الله خصَّه وشرّفه بالعلم دون الملائكة المقرّبين عنده ، قال : ) أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ ( فتخصيصُ آدم دليل على فضله .
رابعاً : أنّ الله جعل العِلم أوّل وأعظم خصائصه .
خامساً : تعليمُه إيّاه ، فلم يوُكِل ذلك لأحد ، لم يُوكل تعليمه للملائكة وهذا شرفٌ عظيم .
سادساً : فيه أيضاً تحدِّي الملائكة بأن يأتوا بما علَّمه إياه لإبراز فضله عليهم .
سابعاً : وفيه تعليمه الأسماء كُلّها ، فلم يُعلِّمه جزءاً منها .
ثامناً : وفيه شرف بني آدم بهذا العلم ، وأنّه أعلى وصف يتصِّف به الإنسان العلم بالله عزّ وجل ، والعلم الذّي يُقرِّب إلى الله سبحانه وتعالى , وأنّه هو السِّر الإلهي العظيم الذّي أودعه هذا الكائن البشري وهو يتقلّد الخلافة .
ثم قال الله عزّ وجل : ) ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ ( يعني بعد ذلك ، والإتيان بـ ( ثُمَّ ) فيه إشارةٌ للمنزلة لآدم. قال : ( أَنْبِئُونِي ) وفي هذا تعجيزٌ من الله لهم عليهم السّلام . في قوله : ) إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ( تعجيزٌ لهم أيضاً عليهم السّلام وتعظيمٌ للأمر
قال الله عنهم : ) قَالُوا سُبْحَانَكَ ( وهذا معنىً دالٌ على شَرف الملائكة ، وحُسنِ وكمال أدبهم وكمال طمئنينِيَّتهم ويقينهم بفضل هذا الخليفة وشرفه بأنّهم استسلموا فقالوا : ) سُبْحَانَكَ ( لو لم يكن ذلك استسلام منهم لجادَلوا ، فما كان منهم عليهم السّلام وهم البررة المطيعون لِرَبِّهم إلاّ أن قالوا سُبحانك لا علم لنا .
وهذا الاستفتاح بالاعتذار والتَّوبة أيُّها الإخوة هو سُنَّةُ المرسلين وهو أدبُ التَّائبين الصَّادقين ، وهو أدبٌ ينبغي أن يتمثّله الإنسان في اعتذاره وتوبته لِرَّبه . أليس يقول موسى في توبته : ) سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ ( وقال ذي النّون : ) سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ( ، فهذا أدبٌ ينبغي أن يكون في حال التّائبين المستغفرين .
) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ( وهذا فيه أدبٌ آخر وهو أنّهم عَلِموا بأنّهم نَفُوا العلم عن أنفسِهم ، وبيّنوا أنّهم لا علم لهم إلاّ من اللّه - عز ّوجل - . وهذا يُبيّن أنّه لا علمَ للإنسان إلا بما علّمه الله سبحانه وتعالى قال : ) إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ( وذكروا العلم والحِكمة إشارةً إلا ما ذكره الله تعالى في حكمته في هذا الخَلق وهو حكمته في خلق آدم .
هنا سؤال : ما وجه تقديم إظهار فضل آدم بالعلم قبل الأمر بالسُّجود له ؟!
هو الآن الله عزّ وجل ذكر لهم أنَّه الخليفة ثمّ فضّلهم بالعلم قبل أن يأمرهم بالسُّجود له .
في هذا كما ذكر بعض المُفَّسرين أنّه من باب ترتيب الدّليل على المقصود ، وذلك أنّه لمّا كان الغرض في بيان فضيلة آدم وما شرّفه به من الخلافة في الأرض ، اقتضى الأسلوب الحكيم أن يُوضِّح لهم الحُجّة في فضيلة هذا الخليفة وسبب تعيينه والأمر الذِّي يَظهر به شرفه عليهم . فلمَّا فرغ من محُاجّتهم وبيّن لهم فضله أمرهم بالسُّجود إليه ليكون إقرارهم قولاً وعملاً ، إقرارهم بالقول ) سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا ( وإقرارهم بالعمل بالسُّجود له كما أمرهم الله عزّ َوجل .

يتبع باذن الله تعالي
سماع المحاضره من هنا



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق