سورة البقرة من الآية (36) إلى الآية (39)
ـ فضيلة الشيخ د. محمد الربيعة
نواصل رحلتنا الممتعه من كلام ربنا نفهمه ونطبقه ان شاء الله تعالي بمنه وفضله علينا
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله عزّوجل: (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ) هذه الآية في إظهار عداوة إبليس لآدم،
بكونه السَّبب في زلّته وإخراجه من الجنّة،
وفي هذا تحذيرٌ ظاهرٌ لآدم وذُريّته من إبليس وذُريّته بكونه هو العدوّ،
هذا هو المقصود أن نُدرِك أنّ إبليس هو السَّبب في خُروج أبينا من الجنّة فإذا علمنا ذلك اتَّخذناهُ عدوّاً كما قال الله عزّوجل.
(فأزَّلهُما) ما معنى أزَلَّهُما؟!
أنّها تُفيدُ ان آدم عليه السَّلام لم يتعمد الوقوع في أكل الشَّجرة، وإنّما أوقعه إبليس بالتَّدريج (إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ } (هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى }} وأشار إليه بأنّك إذا أكلت من هذه الشّجرة ستكون من الملائكة ، وإنّما حَظَر الله تعالى عنك هذه الشجرة أنّك لو أكلت لَخُلدتَ فيها.
انظروا كيف يوسوس الشَّيطان لآدم وبَنيه بأنّ يُظهر له المظهر بصُورةٍ تُغريه بوقوعه في الحرام.
و تعبير بالإزلال يُفيد سُرعة إيقاع إبليس لآدم وذُرِّيته في المعصية بطريق الإغراء والتَّزيين والوسوسة في هذا ما يُبيّن أيّها الإخوة سبيل الشيطان في إغوائنا وإيقاعنا في المعاصي فينبغي أن نحذر منه ومن وسوسته وإزلاله.
ثم قال الله عزّوجل: (وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدوّ) لم يقل يا آدم اِهبط، لأنَّ النِّداء هنا ليس تشريف وإنّما قال: (قلنا اِهبطوا) فيدخل في ذلك آدم وحوّاء وإبليس.قال الله: (قلنا اهبطوا منها جميعا فإمّا يأتيَّنكُم منّي هُدى) وهذا التّكليف (فإمّا يأتيَنَّكُم منّي هُدى) فالتكليف هو الهدى
ثمّ قال الله عزّ وجل: ( ولكم في الأرض مُستقَّرٌ ومتاعٌ إلى حِين) ماذا نستفيد من هذه الجُملة؟
نستفيد أنَنّا في هذه الأرض لسنا على دوام وخُلود (ولكم في الأرض مستقَّرٌ ومتاعٌ إلى حِين) وأنّ متاعَ الدُّنيا زائل
ثم قال الله تعالى: ({فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }
في هذه الجُملة إظهارٌ لفضيلة آدم ـ عليه السّلام ـ بعد الفضائل السَّابقة بمبادرته للتَّوبة بعد المعصية (فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ) أمّا إبليس فبقِيَ على ضلاله وكُفرِه، فهذا يَدُلُنَا على شرفِ آدم في مبادرته للتَّوبة بعد المعصية, لقوله: (فتلقّى), وفي هذا إشارة وإرشاد لِبَنيه بان يَكُونوا مُبادرين بالتَّوبة حِينَ يَقَعُونَ في المعصية، وأن يتعرَّضُوا للتَّوبة بكَلِمَاتها،
( فتلقّى آدمُ من ربِّه كلماتٍ) لماذا أخفاها الله ـ عزوجل ـ ؟
ليُشير إلى أنّها ليست كلمة التّوبة ليست واحدة وإنّمَا كلمات، وهذا من توسيع الله عزّوجل على عباده التَّائبين أنّهم لم يحصُرُهم في كلمةٍ يقولونها وفتح لنا باب التّوبة بما يُقِّرَهُ الإنسان بنفسه من الاعتراف والإنابة إلى الله ـ عز ّوجل ـ , ثم قال: ( فتابَ عليه إنّه هو التَّواب الرّحيم)
ثمّ أتبع الله عزّوجل الآية: ( قلنا اهبطوا منها جميعاً) وهذا هو التّكليف لآدم وإبليس في الدُّنيا (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
فهذه الآية هي مَحَطُّ التَّكليف في يقول: (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدَى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ)
وإنما قال (تَبِعَ) بدون (اتَّبَع)،
الفرق بينهما أنّ كلمة ( اتبَّعَ) أنّ ذلك بعد البَيان التَّام بالأدلة الموجبة للإتباع، فيقول: (تَبِع) للزوم الإتباع مباشرة،
ولمّا أنّه بيّن هنا الأدِّلة بالفضائل، والتَّشريفات، والإكرام العظيم قال هنا: (فمن اتَّبع هُداي فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون): ( فلا خوفٌ عليهم ولا هُم يحزنون) فَوفَّر الله تعالى على أنّ من اتَبع الهُدى لا خوف عليهم ولا هم يحزنون, فقُطبا الحياة هما الأمن والسُّرور والسَّعادة.
ثم بيّن عاقبة الذين كفروا وكذبوا بآياتنا, قال (أصحاب النّار) يدل على أنهم هم أهلها وملازمون لها لا يفارقونها,
ثم قال الله تعالى: (هم فيها خالدون) مزيدٌ في التنصيص عليهم واستيثاق العذاب منهم.
يتبع بإذن الله
للمزيد http://so7ba1.blogspot.com/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق