ثمّ قال الله تعالى : ) وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ
سَفِهَ نَفْسَهُ ( إشارة لمن ؟
إشارة
إلى بني إسرائيل ، كأن الله تعالى قال لما بيّن حق إبراهيم أنه حقق التوحيد وهو
الذي بنى البيت ، وحق إسماعيل ودعوتهما ونبوتهما قال الله عز وجل : ) وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ
مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ( ، ثم قال : ) وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ
فِي الدُّنْيَا ( أي إبراهيم اصطفاه الله واختاره ، وهذا من مناقب
إبراهيم ) وَإِنَّهُ فِي
الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ( أيّ أنّ لله أصلح له شأنه في الدُّنيا وفي الآخرة .
ثمّ
قال الله تعالى ) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ
أَسْلِمْ ( لاحظوا كلمة الإسلام هنا ماذا قال ) قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ( لم يقل لربّي - للدّلالة على أنّه يعتقد رُبوبية الله عزّ وجل من جميع الخلق .
أنّ جميع الخلق مسلمون لله طوعاً أو كرهاً وأنّهم مربوبون لله تعالى عبادٌ له
جميعاً .
قال
الله عزّ وجل ) وَوَصَّى بِهَا
إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ ( ما هي التّي وصّى بها ؟
كلمة
التَّوحيد التِّي هي الإسلام ، وهي إشارة لبني إسرائيل أنّ هذه وصيّة إبراهيم لكم
، والدِّليـل على ذلك أنّه قـال ) وَيَعْقُوبُ ( ذكر نبيُّهم وأَبوهم يعقوب عليه السَّلام ، لأنّهم ينتسبون إليه ) يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ( وإسرائيل هو يعقوب ، فكأنَّ الله تعالى هنا بعد أن ذكر حالة
الأمّة المحمدية ، وشرّفها انتقل الحديث إلى بني إسرائيل ليُشير لهم إلى أنّ هذه
الدّعوة موصولة لكم أيضاً ، وهي وصيّة إبراهيم ، ووصيّة يعقوب لكم فاتّبعوها ،
واسلكوها ، ولا ترغبوا عنها وتتركوها .
ثمّ
قال الله ) يَا بَنِيَّ إِنَّ
اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ( فانظروا كيف أيضاً أعاد ذكر الإسلام
هنا للتّأكيد على أنّه الدِّين الحقّ ، وهنـا سِرٌ عظيم أختم به هذا المقطع
وهو أنّ تكرار الشَّيء في القرآن يدل على التأكيد
عليه ، ويدل على أهميّته ، فتأمَّلوا هنا تكرار لفظ الإسلام ، وتأمّلوا في
آية الدّين تكرار لفظ الكتابة ، وتأمّلوا في آية القِبلة تكرار لفظ ) فَوَلِّ وَجْهَكَ ( . كلُّ ذلك تأكيد ولله المثل الأعلى ولكتابه ، أنت لو أردت من
ابنك أمر عظيم تريد أن يلتزمه ، مثلاً سلَّمت له قيادة السيّارة قلت له يا ولدي :
لا تُسرع ، لا تُسرع . فكرّرت عليه هذا الأمر لأهميته لأنَّك تخشى على نفسه ،
فتكرار الشّيء وإعادته تأكيدٌ على عِظَمه ، وأهميته ، وأنّه مهم في حياة الإنسان .
فلذلك كرّر الله لفظ الإسلام ، وأمر به ، ووصّى به لأهميته وليُحقّقه بنو إبراهيم
من بني يعقوب وإسماعيل .
يتبع بإذن الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق