سيد الإستغفار
الجزء 2
💦 شعار أنّ "الله رزّاق" دائمًا,
الله يربّيك من أجل أنك تكتشف ما في قلبك, وتربية الله تصلحك فلمّا تأتي المواقف الحقيقية؛ يربينا فيها قبل أن نموت، ونحن بصحتنا وعافيتنا حتى نكتشف أنفسنا.
👈يقول شخص طوال عمره: لو كنتُ في موقف فلان؛ لم أكن حاسدًا لأحد، ولا غرتُ من أحد...
المتلبِّس في الموقف الذي عاش في وسطه ليس مثل الخالي منه، مثل المثل العامي: الذي يده في الماء ليس مثل الذي يده في النار!.
إذًا معنى اسم الربّ: ربّنا يربّي العبد بأقداره، يجري عليه أقدار كي يكون في نهاية الأمر: كل معلومة يعرفها عن ربه؛ يتأكد يقينًا أنها صحيحة.
💥لمّا نخرج من البيت ماذا نقول؟
((بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ)) لكن هل نحن في قلوبنا متبرِّئون مِن حولنا وقوتنا إلى حول الله وقوته؟!
مَن عنده سيارة عند الباب وسائق، وهو نازل الدرج يقول: يارب يسر لي الذهاب، وإن شاء الله أصل... أو أنه متأكد أن السيارة عند الباب، وانتهى الموضوع؟!
نختلف على حسب قوة تبرؤنا من حولنا وقوتنا، مَن هذا الذي يرى سيارته عند الباب ثمّ مع هذا يقول يارب يسر لي الطريق وأن نصل...؟
👈الذي ربنا رباه, وعرف أن الشيء يكون تحت يده، ومع ذلك قد لا يكون سببًا لوصوله ولا لكذا وكذا...
💥لمّا يأتيك طفل صغير وتقول له: أمامك هذا الشيء، أمامك سيارتك التي تركبها وتذهب بها، ومع كذا لا تثق أنك ستصل، يرد عليك: سأصل! ولم لا أصل؟! سأركب السيارة وأصل.
نقول هذا لم يتربَّ بعد.
💢إذا غضب زوج على امرأته، وهي باكية شاكية! نقول لها: ألا تؤمنين أن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن؟! تقول: نعم أنا أؤمن, نقول: مادام تؤمنين فما فائدة شكواك لأمه وأبيه والجيران؟! اطرقي بابَ مَن يملك قلبه, تقول: أباه له سلطته عليه, فأول مرة تتصل عليه يقول لها: أنا سآتي وأريه عمله! المرة الثانية كذلك, المرة الثالثة يقول: يا ابنتي، حلّي مشاكلك مع زوجك بنفسك!
👈إذًا نحن ما قبلنا المعنى إلا لمّا تربّينا, لمّا انقطعت علائقنا بالناس، لكن الموفّق مَن اعتبر بغيره, الموفّق مَن يأتيه اسم الله أو صفة الربّ سبحانه وتعالى فيعتبر بالناس الذين هم حوله، ويتأمّل أقدارَ الله التي تجري عليه وعلى الناس مِن حوله، ولا ينتظر أنه يدخل في موقف ينعصر فيه حتى يؤمن بالاسم أو الصفة!
💥((انتَ رَبِّي)) يعني: أنا أعترف بما أراه عليَّ مِن نعم ظاهرة وباطنة، لم يُنعِمْ عليَّ بها غيره, والتي لابد فيها من أن أعلم أنّ الحمد كله له، اعترفت بالربوبية.
((لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ)) أعلم أنه لا يستحق الألوهية إلا أنت وحدك، فأنت وحدك الذي ربّيتني بكمال صفاتك، أنت وحدك الذي تستحق أن أخاف منك وأن أرجوك، أنت وحدك الذي تستحق أن أبكي لو كنتَ لستَ راضيًا علي، وأن أفرح لو أحسستُ برضاك، أنت وحدك الذي مدْحُك زَيْن وذمُّك شَيْن.
💗معنى لا إله إلا الله:
تأليه الله. التأليه معناه: أن القلب يُحِبّ ويعظِّم، المؤلَّه عند الإنسان مَن يُحبّه ويعظّمه.
آخر آية الكرسي {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} لماذا هذان الاسمان تحديدًا؟
الآية مِن أوّلها إلى آخرها معناها: أن الله عزّ وجلّ يأتي بأسمائه وصفاته التي تدلّ على استحقاقه وحده للألوهية، {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ...} كل الصفات هذه أتت من أجل أن نعلم أن الله وحده هو المستحق للعبادة. فخُتمت بـ {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}.
🌟ما معنى {الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}؟
{الْعَلِيُّ} أي العالي سبحانه على كل عباده وكل صفاتهم، فهو: عليّ في ذاته، عليّ في صفاته، عليّ في قهره وسلطانه سبحانه وتعالى.
وهو {الْعَظِيمُ} ذو العظمة الكاملة، الذي له صفات الجلال، قائم بنفسه سبحانه وتعالى وقائم على كل أحد، هو الغنيّ، كل أحد يحتاجه وهو سبحانه وتعالى لا يحتاج إلى أحد.
⚡الطفلة التي تحب معلمة في المدرسة؛ كيف تصفها؟ بأنها أحسن واحدة، وترفعها..
هل يوجد من يحب شيئًا دنيًّا؟!
لا، كل الناس يحبون الشيء العالي, وإذا لم يكن عاليًا على الحقيقة؛ يضيفون عليه الصفات العلية؛ لأنّ الإنسان يتعلّق بمن هو عالٍ.
🔮فهذا التعلّق ما يأتي إلا لعليّ, والتعظيم ما يأتي إلا لعظيم، وهاتان الكلمتان هما الألوهية:
أن يمتلئ قلبك تعلّقًا بالله
ويمتلئ تعظيمًا لله
وهو سبحانه وحده دون سواه العليّ العظيم، يعنى إن كان العباد عندهم من صفة الكرم؛ فهو سبحانه وتعالى أكرم من خلقه, بل ليس كمثله شيء، وإن كان العباد عندهم من الحلم؛ فهو أحلم من خلقه، بل ليس كمثله شيء.
ومرِّر على نفسك كل الصفات التي يمكن للإنسان أن يحب الناس من أجلها.
إذًا الذي يؤَلِّه ماذا عليه؟ أن يحبّ (يتعلّق ويعظّم).
👍فلا يوجد في قلبه أحد يرجوه ليعطيه مُراداته إلا الله، وكلّ خوفه مجتمِع في خوفه من الله. لذلك الذي يذهب يصلي في وقت الصلاة؛ ماذا يكون في قلبه؟ أمران:
متعلّقٌ بصلته بربه, معظّمٌ له أن يخالف أمره.
متعلّق أن يصلي الصلاة في وقتها -لأن الصلاة في وقتها أحبّ الأعمال إلى الله- ومعظّم لله أن يخالف أمره.
إذًا ما هي العبادة؟ أن يتعلّق بربه ويعظّمه.
🌟((اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ)) الذي ربَّيتَني ورأيتُ آثارَ نعمتك عليّ، ورأيتُ آثار صفاتك، رأيت الناس ينامون، وأنت وحدك الذي أدعوك فتستجيب وترزقني من يد فلان ويأتيني الرزق رغمًا عن فلان, وفلان يكيد لي وتكون مكيدته في صالحي وهو الذي يقع فيها, وتدفع عني كذا.. إلى آخره، مِن كل ما أراه من التربية, أنت وحدك يا رب الذي تستحق أن لا يكون في قلبي إلا أنت معظَّمًا متعلَّقًا به، أنت وحدك.
🍄وفي أواخر سورة الحشر ذكر الله عزّ وجلّ من أسمائه وصفاته كلّ ما يدلّ على أنّ المطلوب من العبد: أن يتعلّق بربِّه وأن يعظِّم ربه.
((خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُك)) يعني أنا أعترف يا ربّ أنّه لا خالق لي سواك، وأنا لست بعبدٍ لأحدٍ سواك.
لا خالق سواك: في مقابل ((أَنْتَ رَبِّي)).
لستُ بعبد لأحد سواك: في مقابل ((لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ)).
💥((لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ)) أكون له عبدًا؛ من أجل ذلك المفترض أن الناس يحمدون ربهم على أنه لم يجعل لهم ربًّا وإلهًا سواه.
لو أنّ رقبتنا لأحد غير الله؛ ماذا كان سيحصل لحالنا؟! كيف يحكم الناس على الناس؟! فلو ان الناس موكلين بنا؛ لهلكنا! سواء في تدبير شؤوننا أو في محاكمتنا أو في مخاصمتنا أو في محاسبتنا؛ 💦من أجل ذلك قال الله عزّ وجلّ في آخر سورة الإسراء: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} يعني هو سبحانه وتعالى يستحقّ الحمد أنه ما جعل رقابنا في يد أحد، فأنت لا تجعل رقبتك اختيارًا في يد أحد!
الله تعالى لا يريدك أن تكون عبدًا إلا له, والعبد يريد لنفسه الهلاك! ولذلك قال تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَد} الإنسان يختار الكبد ويتقلّب فيه إلى أن يكون ذليلاً لغير الله؛ لذلك يقول في السورة نفْسها: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} يعني لو اقتحم العقبة ومرّ بها ولم يتعلّق بالناس ولم يعظّمهم؛ لاقتحمها ووصل إلى المراد.
💢((وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْت)) ما هو هذا العهد؟
قولان:
💥1. العهد الذي أخذ اللهُ عزّ وجلّ على بني آدم وهم أمثال الذرّ، وهو شهادة أن لا إله إلا الله.
💥2. العهد الذي نردّده في سورة الفاتحة بقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين} أي أن العبد يعاهد ربه على أمرين:
1- على ألاّ يعبد أحدًا غيره.
2- ولا يستعين بأحد غيره.
.
يعني أنا على عهدك الذي عاهدتك إياه بأن لا أعبد أحدًا غيرك، ولا أستعين بأحد غيرك.
والعبادة: أن يتعلّق بربه ويعظّمه.
كيف سينفذ الأوامر لمّا يتعلّق بربّه؟
ليس كشخص مدفوع، أو شخص يرجو شخصًا من أجل أن يصلي! أو شخص يقول لآخر: احمد ربك أنني صليت! بل يكون متعلِّقًا برضاه، خائفًا من سخطه، فيفتّش عن أماكن الرضا ويقصدها، ويخاف من أماكن السخط فيهرب منها.
😔ماذا فعل يوسف -عليه السلام-؟ هل قال: أنا شجاع؛ سأواجه المرأة؟!
استبَقَ الباب، يعني: هرب.
إذًا المعظِّم لربِّه يهرب من مواطن الفتنة، ولا يتعرض لها ويقول: "قليلاً فقط وسأخرج بنفسي"! هذا لا يعرف نفسه!
الذي يعرف نفسه يعرف أن نفسه تأخذه بالتدريج.
💢((وَوَعْدِكَ)) ما هو وعد الله؟
وعد الله لنا بالأجر.
كيف أكون على وعد الله الذي وعدني؟
يعني أكون مؤمنة مصدِّقة بوعد الله.
ما معنى مؤمنة مصدِّقة بوعد الله؟
عرف أن الجنة موجودة، لكن دعونا نتأمل قليلاً بعمق في هذه المسألة حتى نرى كيف أن الإنسان كل مرة يريد أن يكون على الوعد..
☺الله عزّ وجلّ يخبر عن أهل الجنة أن لهم أنهارًا، ماذا يفعلون بها؟
{يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا} يعني يملكونها, ويملكون متى شاؤوا أن يفجرونها، هذا من الوعود.
لماذا اخترنا هذا الوعد بالذات؟ ما هي نقطة بلاء العبد واختباره في الدنيا؟
المُلْك، هو نقطة البلاء والاختبار، يعني أن الناس يتنازعون حول مُلْك الأشياء, ليس شرطًا مُلْكًا مادّيًّا، بل حتى مُلْكًا عاطفيًّا، حتى الحبّ.
لماذا أحببت هذا؟ ولماذا لم تحبّ هذا؟ ولماذا أعطيت هذا ولم تعطني..؟!
يعني الإخوان في البيت، والزوجات لزوجهم، بل أحارب -أحيانًا- على شيء لا دخل لي فيه!!
لماذا؟ لأنه في النفس من البلاءات: حبّ التملّك.
الذي يحارب هذا البلاءَ في الدنيا؛ -تأمّل دقة الجزاء- يُرزَق يوم القيامة في جنات عدن أن يُملَّك عظيمَ الملك، بل أن يفجِّر مِن أمره! {يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا}.
👈يعني الذي ينجح في الدنيا في اختبار المُلك ويعلم أن المُلك حقيقةً مُلك الله, فما يطرق باب أحد على أنه يملك, إنما يعلم أن المالك على الحقيقة هو الله, الذي ينجح في الاختبار في الدنيا؛ يُعطى في الآخرة أنه يُملَّك شيئًا موضع السوط منه خير من الدنيا وما عليها! ((مَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا)) فتصوّر الفارق بين المُلْكَيْن!
🌠لمّا يأتي العبد يقول: ((وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ)) يعني في كل مرة أعالج نفسي بما وعدتَني به، من أجل أن أترك الذي نهيتَني عنه.
الذي يشرب الخمر في الدنيا؛ لن يشربها في الآخرة، فالذي يريد أن يمتثل هذا الأمر يُذَكِّر نفسه أنّ الذي سيأخذه في الدنيا؛ لن يأخذه في الآخرة.
👍إذًا لا تنازعْ في الدنيا في مُلْك أحد, ولا تطلب المُلْك إلا ممن يملك على الحقيقة, وفي الآخرة تُملَّك ما لا تحلم به!
💢((أنا على وعدك)) بحيث أني أردّد دائمًا على نفسي الوعد، حتى أجفِّف مِن قلبي مواردَ حبّ الدنيا.
((مَا اسْتَطَعْتُ)) تأتي فيها مشكلة!
شخص يبحث عن ماء هو بجانبه، بعد ذلك يقول: ما استطعت ولم أجد ماء، دعونا نتيمم!!
هذه فيها كثير من الكذب، كثير من الناس يقول لك: ما استطعت، وهو لم يبذل جهوده.
🔮ما مقياس ((مَا اسْتَطَعْتُ)) ؟
لو أردتُ أن أخرج والزوج يقول: لا، وأنا أريد الذهاب بالقوة؛ كيف يكون (ما استطعت) في هذه الحالة؟!! كم ساعة في اليوم يأتي الزنّ؟!
نبذل جهودنا ونعتصر مِن كل زاوية، ونتقرب إلى الله ونتوسل إليه أن يرضى هذا...، هذه القوة هي (ما استطعت) بمثلها عاملْ أوامرَ الله، عاملْ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين} بمثل ما تزنّ من أجل أن تأخذ أغراضَك؛ ذكِّر نفسَك بوعد الله ووعيده؛ لأنك تقول: ((وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ)) وليس ما يستطيعه شخصٌ تستطيعينه، لا علاقة لنا بأحد إلا أنفسنا فقط ((مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ)) وهذا لا يعنيه، إلا مَن يكون تحت يدي من أولادي، أو أنا معلمة وهؤلاء طالباتي.
((اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ)) هذا الجزء الأول كله ثناء على الله.
🌹للدرس بقيه ان احيانا الله 🌹
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق