تفسير سوره الفاتحه الجزء الثاني

تفسير سوره الفاتحه الجزء الثاني

نكمل علي بركه الله

ثم بعد ذلك قول الله عز وجل ) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (  وهذا حق العبد وهذه الآية غرضها بيان أعظم مطالب المؤمنين وهو سؤال تحقيق الهدي الكامل والدين الصحيح
ما هي أعظم مطالبنا ؟

هي هداية الصراط المستقيم الذي يوصلنا إلى مرضاة الله وجنته فقط هذا أعظم مطالبنا انت تسأل الله أن يسلك بك أكمل الطرق وأعظمها وأقربها إليك ولهذا قال في الحديث الوارد في تقسيم الفاتحة حين يقول اهدنا الصراط المستقيم قال الله : « هذا لعبدي ولعبدي ما سأل » لكن ينبغي أن نستشعر هذا المعنى .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : ( هذا الدعاء هو الجامع لكل مطلوب )  .
كل ما تطلب الله فهو داخل في هذا الدعاء فما أكرم الله حين وفقنا لهذا الدعاء ندعو به في كل صلاة وفي كل ركعة
يقول ابن القيم: ( يحصل به كل منفعة )  ( ويندفع به كل مضرة فلهذا فرض على العبد وهذا مما يبين أن غير الفاتحة لا يقوم مقامها أصلاً وأن فضلها على غيرها من الكلام أعظم )
ومناسبة هذه الآية هي أنه لما تقدم الثناء على الله عز وجل في قولك :
) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ( ثم اعترفت له بالعبودية لله وحده خالصاً مخلصاً فإنه ناسب هنا أن يعقب بالسؤال والدعاء وهذا أكمل أحوال السائل أن يمدح مسؤوله ثم يسأله حاجته ولله المثل الأعلى وهو ربنا يحب الحمد والثناء سبحانه وتعالى وهو أحق بالحمد من غيره فهو صاحب الفضل كله  وهذا مما يشرع في الدعاء أن يفتتح بالثناء وهذا مثله مثل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في أسمع الدعاء قال : « ما كان في جوف الليل الآخر ودبر الصلاة » ودبر الصلاة اختلف فيه العلماء لكن أظهره أنه قبل التسليم والدليل على ذلك والله أعلم مع أنه يشرع بعد التسليم من الصلاة أيضاً الدعاء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ : « يا معاذ إني أحبك فلا تدعن دبر كل صلاة أن تقول : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك »  .
لكن قبل التسليم فيه الدعاء مستجاب محل دعاء مستجاب ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : « ثم ليدع بما شاء » وحين تتأمل التحيات فإن فيها الثناء بل فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بل فيها التشهد والتوحيد ( التحيات لله ) ثم في التشهد ثم الدعاء فهذا يتضمن السؤال ثم الدعاء .
لماذا قال ) اهْدِنَا ( ولم يقل اهدني ؟
كما قلنا في ) إِيَّاكَ نَعْبُدُ ( فإن ذلك الثناء على الله عز وجل بسعة مجده وكثرة عباده وكثرة سائليه ماذا يتضمنه لفظ الإفراد كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى كما أن الجمع أدل وأكمل في طلب الهداية وأرجى للقبول فدخول العبد في جملة دعاء العابدين أرجى للإجابة وأمنع للرد .
فحين تقول : ) اهْدِنَا ( فإنك تدعو لنفسك وتدعو للمسلمين جميعاً للأقربين والأبعدين وتستحضر ذلك في دعائك وهنا أيها الأحبة قوله : ) الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ( 
مسألة لماذا عبر بالصراط ولم يقل الطريق المستقيم ؟
تذكيراً بصراط الآخرة وفي هذا الدعاء  تدعو ربك عز وجل بدعائين : دعاء أن يهديك صراط الدنيا بالعبودية وأن يهديك صراط الآخرة الذي تدلف به إلى جنة ربك فما أعظم أن يستحضر المسلم هذا الدعاء  صراط الدنيا وصراط الآخرة 
والصراط التعبير بالألف واللام اهدنا الصراط ولم يقل ( اهدنا صراط ) لماذا ؟
للاستغراق بمعنى أنك تطلب من الله كمال الهداية لهذا الصراط كله بكل ما يتضمنه من خير ومن رضا لله عز وجل فإذا حققت ذلك حققت كمال السؤال في هذه الآية ويستشعر العبد في هذا السؤال كمال الهداية لأمور الدنيا والآخرة وهذا معنى يغفل عنه كثير قولك : ) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ( تفيد أنك تسأل الله أن يوفقك للصراط المستقيم حتى في أمور دنياك في بيتك مع زوجك وأولادك وفي تربيتك لهم في وظيفتك وعملك أن يهديك الصراط المستقيم في بيعك وشرائك وتجارتك في تعاملك مع الناس  أيها الأحبة أنك تسأل الله الصراط المستقيم الذي يشمل كل خير في الدنيا وفي الآخرة فإذا سألت الله في الدنيا والآخرة يسر لك أمرك في دنياك وأخراك والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه قل اهدني وسددني واقصد بقولك اهدني هداية الطريق وسددني سداد السهم مع أن قول اهدني وسددني للآخرة في أمر الآخرة لكنه حينما يستشعر فيه المسلم عموم فضل الله عز وجل في أمر دينه ودنياه فإنه بذلك يحقق كمال الطلب من الله عز وجل .
لماذا وصف الله تعالى الصراط بالمستقيم ولم يقل الصراط ؟
للدلالة على أمور فتأملوها :
أولاً : دليل على أنه لا اعوجاج فيه وهذا يبين أن صراط الله تعالى لا اعوجاج فيه  صراط مستقيم واضح 
وأيضاً يدل على وضوحه ويدل على قربه لأن أقرب خط بين نقطتين هو الخط المستقيم فأقرب طريق إلى الله هو دينه وهو عبوديته  فهذا يبين لك  أن دين الله واضح وأنه سهل وأن معالمه ظاهره وأنه أقرب الطرق كل هذه المعاني تدخل في معنى قولك المستقيم  قال ابن القيم رحمه الله في المراد بالصراط المستقيم قال وحقيقته شيء واحد - حقيقة الصراط المستقيم شيء واحد - هو طريق الله الذي نصبه لعباده على ألسن رسله ، وجعله موصولاً لعباده إليه ولا طريق لهم إليه سواه ، بل الطرق كلها مسدودة إلا هذا ، وهو إفراده بالعبودية ، وإفراد رسوله بالطاعة ، وهذا كله مضمون الشهادتين ، فأي شيء فسر به الصراط فهو داخل في هذين الأصلين )  .
ثم قال الله عز وجل : ) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ( 
ما فائدة إعادة لفظ الصراط وتعريفه بأنه صراط الذين أنعمت عليهم ؟
مع أن سورة مختصرة وسورة جمعت أجمع المعاني إلا لأن هذا أمر عظيم يجب أن نستشعره أيها الأحبة
1- هذه الآية غرضها التعريف بالصراط المستقيم وأثره ، حتى يتضح لك مـا هو الصراط المستقيم فأنت حينما تقول : ) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ( فيأتيك سؤال ما هو الصراط المستقيم ؟ لم يترك الله عز وجل الجواب في سورة أخرى أو في آية أخرى ، وإنما جعله مباشرة في هذه السورة فقال هو : ) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (  هذا تعريف بالصراط
لماذا قال ) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ( ولم يقل صراط المؤمنين أو صراط الأنبياء المرسلين ؟
لأن  والله أعلم  فيه تشويق للنفس أن هؤلاء منعم عليهم فهنا كل قارئ متدبر يقول من هم الذين أنعم الله عليهم أريد أن أكون منهم أريد أن أتصف بصفاتهم حتى أكون ممن أنعم الله عليهم  وهذا منهج قرآني عظيم يمكن أن نأخذ منه منهجاً تربوياً في أسلوبنا أننا نشوق للشيء بالتعبير عنه بما يشوق السامع ويدفعه ويرغبه ولله تعالى المثل الأعلى في هدايته وتوجيهه .
فالمراد بالنعمة هنا كمال الهداية للدين وكمال التفضيل في الدنيا والآخرة وكمال الجزاء يعني أنعمت عليهم بالهداية للدين وأنعمت عليهم بالتفضيل في الدنيا والآخرة وأنعمت عليهم بكمال الجزاء انظروا كيف 
اشتمل قوله ) أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ( ثلاثة أمور :
كمال الهداية وكمال التفضيل في الدنيا والآخرة وكمال الجزاء في الآخرة في جنته ورضوانه فما أعظم هذا المعنى العظيم فتأمله .
وفسر المفسرون معنى ) الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ( بمعاني كثيرة قالوا هم المؤمنون ، هم أتباع النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن فسرها الله بآية في كتابه في قوله تعالى : ) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (ي
تبين لك بهذه الآية أن المقصود المنعم عليهم من هم ؟
النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وهؤلاء أعظم الخلق ولذلك قال الله ) وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ( فأنت أيها الأخ الكريم  حين تقول ) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ( تتطلع نفسك إلى أن يهبك الله عز وجل منزلة رفيعة مع هؤلاء مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين فحين يكون هذا همك لاشك أنك تسعى إلى أن تحقق عبودية الله على أكمل وجه
وتأملوا أنه قال ) أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ( ولم يقل ( أُنعم عليهم ) كما قال ) الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ( ولم يقل ( غضبت عليهم ) لماذا ؟
ما الفرق بين قولنا ) أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ( وقولنا ( أُنعم عليهم ) لأن قولك ( أنعمت ) فيه إضافة النعمة إلى الله عز وجل وهو أشرف وأعظم و
أنعمت هنا فيها نعيم أنعمت يعني تنعموا وبماذا تنعموا ؟ 
بكل شيء حتى في أمور دنياهم هم أنعم الناس إن المؤمنين هم أكثر الناس حياة طيبة ونعيماً في قلوبهم وسرورهم وعيشهم ، العيش أيها الإخوة ليس هو بالأجساد ولا بالمظاهر وإنما هو بالقلوب وما فيها من السرور وتطمئن قلوبهم بذكر الله  
 فقال ) غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ( فهنا كأن الله عز وجل أبعد أولئك وقطع عنهم تكريمه فقال المغضوب عليهم ولم يقل غضبت عليهم ، قوله تعالى : 
 ) غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ( يتضمن بيان طرفي الانحراف عن الصراط يعني بعد أن أكرمك الله وعرفك بالصراط المستقيم  و بين الله لك أن هناك طريقان للانحراف ابتعد عنهما واسأل الله عز وجل أن يقطع عنك سبيلهما وأن يحفظك منهما فقال ) غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ( الله أكبر !
طريقان للانحراف الطريق الأول هو انحراف بقصد والانحراف 
الثاني انحراف الجهل فالطريق الأول تمثله اليهود فكفروا بالله عز وجل مع علمهم وما عندهم 
والنصارى عبدوا الله بجهل فالطريق الأول يشمل من أشرك بالله أو ابتدع عامداً يدخل في ذلك والطريق الثاني هو من عبد الله بجهل ولم يسلك سبيله المستقيم فشمل ذلك الطريقان جميعاً وعليه فالمقصود هنا طلب السلامة من طرفي الانحراف وأصوله ولهذا عبر بوصفي الغضب والضلال اللذان هما أصل الانحراف 
، والنبي صلى الله عليه وسلم خص اليهود والنصارى ففسر ) غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ( باليهود ) وَلَا الضَّالِّينَ ( بالنصارى ، لماذا ؟
 لأنها هاتين الطائفتين هما أظهر من اتصف بذلك من جهة أنهما جمعا أو جمعتا طرفي الانحراف وأصل الضلالة ومخالفة الهدى وهما الكبر والجهل ، فاليهود كان انحرافهم بالكبر وفساد القصد والعمل والنصارى كان انحرافهم بالجهل وفساد العلم والاعتقاد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( فمن عرف الحق ولم يعمل به أشبه اليهود ومن عبد الله بغير علم بل بالغلو والشرك والبدعة أشبه النصارى فالأول من الغاوين والثاني من الضالين ومن جمع الضلالة والغي ففيه شبه من هؤلاء وهؤلاء ) 

ثم بعد ذلك نختم في سر تشريع التأمين بعد الفاتحة .
التأمين بعد الفاتحة في قول النبي صلى الله عليه وسلم « من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه » أو تأمينه تأمين الملائكة وفي رواية تأمينه تأمين الملائكة 
فما سر ختم الفاتحة بالتأمين ؟
 يقول ابن كثير رحمه الله لما كانت الفاتحة ركناً في الصلاة وكان نصفها مشتملاً على الدعاء الذي هو حق العبد منها كان من حق الإمام القراءة وكان من حق المأموم التأمين على القراءة لأنه واجبه دون القراءة وهذا من أدلة عدم وجوب قراءة الفاتحة على المأموم في الصلاة الجهرية ، وهذه المسألة مسألة كبيرة جداً لا يسع المقام لتفصيلها إلا أن الإنسان ينبغي أن يجتهد في قراءة الفاتحة ما استطاع حتى يخرج من هذا الخلاف .
لما كان هذا الدعاء أعظم دعاء في الفاتحة ناسب أن يختمه بالتأمين كأنه خاتم عليه كالطبع على الكتاب وعلى الصحيفة وفي هذا معنى يفيد التأكيد على الدعاء وصدق الطلب في استحضاره وإظهار الحاجة فيه لله عز وجل 
ولهذا قال من وافق تأمينه تأمين الملائكة لماذا ؟ 
 ليهتم الإنسان في استحضاره فإذا كانت الملائكة تؤمن مع الإمام فكان الأولى بالمأموم أن يأمن مستحضراً هذا الدعاء العظيم ليدخل فيه الموافقة والاستجابة .
هنا سؤال مهم جداً نختم به وهو وجه تحقيق الفاتحة لكمال الإنسان 
قال شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية مؤكدًا ذلك  قال : ( معاني الفاتحة فيها الحوائج الأصلية التي لابد للعبد منها ) وبين أن الدعاء الذي تضمنته الفاتحة وهو قوله ) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ( يجمع مصالح الدين والدنيا والآخرة والعبد دائماً محتاج إليه لا يقوم غيره مقامه وقال ابن القيم رحمه الله في كلام نفيس طويل أذكر فاتحته وأحيلكم إليه في كتاب الفوائد قال : ( فكمال الإنسان وسعادته لا تتم إلا بمجموع هذه الأمور وقد تضمنتها سورة الفاتحة وانتظمتها أكمل تضمن ) فانظروا يا رعاكم الله إلى هذه السورة وحققوها في قلوبكم وفي حياتكم لتحوزوا بها بإذن الله على وجوه الكمال البشري في الدين والدنيا والآخرة أسأل ربي عز وجل أن يحقق لنا كمال العبودية له سبحانه وتعالى بهذه الفاتحة وأن يرزقنا فهم كتابه وأن يجعلنا ممن هداه الصراط المستقيم صراط الذين أنعم عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين وأن يجعلنا جميعاً من الفائزين المفلحين في الدنيا وفي الآخرة .
وخلاصة الأمر أن نستشعر أن هذه السورة فيها تحقيق كمال العبودية والله أيها الأخ الكريم حينما تقرؤها في كل صلاة تجدد العبودية لله عز وجل تستحضر ذلك والله إنك ترتقي بهذه العبودية لله لكن استحضر لا تنسى ذلك ولا ينسيك الشيطان فإن الشيطان لك بالمرصاد إياك إياك  نسأل الله التوفيق لنا ولكم والتحقيق للعبودية التامة ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
تم بفضل الله تعالي نختصر لتفسير سوره الفاتحه من دوره الاترجه
لسماع التفسير من هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق