فضيلة الشيخ د. محمد الربيعة
سورة البقرة من الآية (40) إلى الآية (41)
بسم الله الرحمن الرحيم
ثم ننتقل الي قصص بني إسرائيل الذي أطال القرآن الحديث عنها, من الآية (40) إلى (48) (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ....)
وقد أطال الله ـ عز وجل ـ الحديث عن بني اسرائيل لحكمة عظيمة, وهي أنّهم الأمة المستخلفة قبل أمة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد طال كفرها وضلالها وقد عاندت عناداً طويلاً, فقد أرسل الله ـ عز وجل ـ لهم من الرسل رسلاً كثير زادوا على ثلاث مائة رسول ونبيّ, ممّا يدل على أنّ هذه الأمّة مستعصية.و أنهم لا يستحقون الخلافة وليسوا أهلها لهاولذلك سلبت الخلافة منهم ومنحها الله هذه الأمة المحمدية وتشريف هذه الأمة أمة بها.
قال الله ـ عز وجل ـ : (يا بني إسرائيل) من هو إسرائيل؟
هو يعقوب ـ عليه السلام ـ ومعنى إسرائيل عبد الله كأنّهم قالوا يا بني عبد الله يُناديهم إلى أن يُؤمنوا بهذا النبي وبما أُنزل عليه, ولذلك ناداهم بأشرف الأسماء عندهم (يا بني إسرائيل) وناداهم بهذا النداء ثلاث مرات في الآيات,
لكن لم يؤمن بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في عهده إلاّ بضعة رجال لا يزيدون عن العشرة من اليهود كلهم.فانظروا كيف أنّ الله ـ عز ّوجل ـ وهو أحكم الحاكمين عَلِم حالهم فذكر طبائعهم تحذيراً لهم وللمعاصرين منهم وتحذيراً لأمة الإسلام المستخلفة أن يكونوا مثلهم فيُسلبوا تلك الأمانة والتشريف بالخلافة.
ثم قال: (فاذكروا ِنعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) ما هو العهد الذي أخذه الله؟
هو الإيمان به بما في التوراة, وفي التوراة ما يأمرهم بالإيمان بمحمد ـ صلى الله عليه وسلم (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) ختم الأمر بالرهبة إشارةً إلى ما كان مانعاً لهم من الإيفاء بالعهد وهو رهبتهم من أحبارهم, فأدمج النهي عن رهبةِ غير الله مع الأمر برهبةِ الله في صيغة واحدة, يقول: (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) ولا ترهبوا غيري,
ثم قال الله ـ عز وجل ـ : (وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ) والمقصود هنا القرآن لأن الله قال مصدقاً لما معكم ولم يقل آمنوا بما عند محمد, قال آمنوا بما أنزلت أنا أي هو منزل من الله لم يأتي به محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهذه أدعى إلى إرغامهم على الاستجابة وبعثهم عليها,
ثم قال الله: (وَلاَ تَكُونُواْ
أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ لأنهم أهل كتاب فحين يكفرون يكونون أول كافر به لأنهم كانوا أهل علمٍ بشأنه وصفته.
ثم تأمّلوا قوله: (وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ) يُحذرهم الله ـ عز ّوجل و أنّهم يشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً, يعني حظوظهم الدنيوية تمنعهم من الإيمان, مراكزهم التي كانت التي كانوا عليها بين قومهم تمنعهم من الإيمان (وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ) وهذا يبين لنا أنّ اليهود ماديّون يريدون المادة يريدون المناصب ويريدون الدنيا
تأمّلوا بين الفرق بين (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) وقال: (وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ) ما لفرق بينهما؟
الفرق بينهما يعني أن الله عز وجل أمرهم بالرهبة أولاً, ثم التقوى .
ثانياً, فهو من باب الترقّي إذ أنّ التقوى نتيجة للرهبة, إذا رهب الإنسان من ربه اتقاه, فكأنّ الله أمرهم بالرهبة ثم أمرهم بالتقوى التي هي نتيجة ما في الآية الأولى.
يتبع بإذن الله
للمزيدhttp://so7ba1.blogspot.com/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق