ثم
ذكر الله عز وجل حكم ) كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا
حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ
وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ( ما مناسبة ذكر الوصية بعد
القصاص ؟
واضحة
أن القصاص داعي إلى الموت أليس كذلك ؟ فكأن ذكر الوصية هنا حكم متعلق بذلك المقتول
أن يوصي ، عناية ورحمة بمن ؟ برعيته ، الله
أكبر ، يعني الله عز وجل مع أنه فرض قتله حفظ ذريته ، بقوله : ) كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا
حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ ( يعني فليوصي ) لِلْوَالِدَيْنِ
وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ( يعني هذه الآية تدلنا على كمال رعاية الله - عز وجل - حتى بالجاني
، الجاني الله عز وجل حفظ حقه وحفظ ذريته من بعده .
أقول
هذه الآية أيها الأخوة هذه الآية أصل في حفظ الحقوق
المالية ، أصل في حفظ الحقوق المالية ، وأصل
في آيات المواريث هذه الآية أصل في آيات المواريث يعني هي نازلة قبل آية
المواريث ، ولذلك اختلف فيها المفسرون اختلاف كثيراً في نسخها هل هي منسوخة بآيات
المواريث أم لا ؟ وفي الصحيح والظاهر - والله أعلم - أنها ليست منسوخة وإنما هي
باقية في الأمر بالوصية ، والأمر بالوصية لغير الورثة ، فلذلك ذكر الأقربين هنا ،
أما حق الوالدين فهو مذكور في الورثة في تقسيم الإرث في آية النساء ، فهذه الآية
أصل في ذلك ، قال القرطبي : ( هذه آية الوصية ونزلت
قبل نزول الفرائض والمواريث ) . هنا ذكر الله
تعالى حق الوالدين والأقربين أين الأبناء ؟ أين حق الأبناء ؟
حتى
الوالدين في الأقربين ، أرجعوا إلى السؤال الأول ، السورة في تمحيص هذا الدين مما
أبطله وحَرَّف فيه أهل الجاهلية، ماذا كان يعمل أهل
الجاهلية في المواريث ؟
كانوا
لا يورثون إلا الأبناء الذكور ، أو إذا لم يوجد الأبناء فهي لأول رجل ذكر له حق
العصمة ، أرأيتم ؟!! هنا الله عز وجل قال : ) كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا
حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ
وَالْأَقْرَبِينَ ( فخصهما لأنهما مما أبطله أهل الجاهلية ، أما حق الأبناء فباقي ما
يحتاج إلى ذكره والتنصيص عليه والله سبحانه وتعالى أعلم .
ولهذا
لاحظوا أنه في سورة النساء ، ذكر الله سبحانه وتعالى حقوق النساء الورثة ، لماذا ؟ فصلها وجاءت السورة بالنساء لماذا ؟ ما السر ؟
لأن
النساء مما يهضم حقهن في الجاهلية بل هن مظنة هضمهن في الإسلام ، ونحن اليوم يا
إخواني في واقعنا بل والله في مجتمعنا الذي يرجى أن يكون مستمسكاً بحدود الشرع
وحقوقه ، كم نجد من صور هضم حق النساء ؟ ومنعهن ، فهذا يدل على كمال الإسلام والله
أعلم .
نعود أيها الأحبة ...
ختم آيات الوصية بآيتين فقال الله عز وجل : ) فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا
إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ( وهذا توثيق لحق الميت في وصيته ، أن من بدله ) فَإِنَّمَا إِثْمُهُ
عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ ( فعليه إثم عظيم عند الله عز وجل ) إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ
عَلِيمٌ ( سميع لما يقال عليم بما يفعل ، ثم قال : ) فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ
جَنَفًا أَوْ إِثْمًا ( يعني من خاف من موصٍ في حياته أو بعد موته ، جنفاً ميلاً أو إثماً
اعتداءً فأعطى حق الورثة دون الآخرين أو أوصى لولد دون الآخر فأصلح فلا إثم عليه
فهذا يدل على أن الوصية في الأصل لا تغير ) بَدَّلَهُ بَعْدَمَا
سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ ( لكن إذا ظهر فيها حيف أو ميل أو إثم أو علم هذا بسماع عن الميت
قبل موته أنه يريد المنع مثل إنسان أوصى لابن البنت ، ابن البنت ما يرث ، لكنه
أراد أن يوصي له غير حق الورثة لتأخذه البنت ، رأيتم مثال ذلك، فإذا علم ذلك ،
أبطلت الوصية قال الله عز وجل : ) فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ
إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق