الآيات من 105 - 110
بسم الله الرحمن الرحيم
الايه 105 واضحه
ثم ذكر الله ـ عز وجل ـ قوله تعالى: (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ)
ما لمراد بهذه الآية المراد أنّ اليهود أرادوا الطعن في القرآن, كيف؟
قالوا كيف القرآن يُنزِل الله ـ عز وجل ـ آيةً ثم ينسخُها؟ كيف يُنزل
آيات ثم يرفعها؟ انظروا إلى هذه الحِيلة وإلى هذه الدسِيسَة, هم الآن
يقُولُون هذا لمن؟ للمؤمنين, لِيشكِّكُوا في
نفُوسِهم ويُزعزِعُوا
أنفسَهم في هذا القرآن, فقالوا كيف هذا القرآن يُنزل ثم يُرفع؟ لو كان من
عند الله حقاً ما رُفع ما نُسخ, هذا حقيقة دسِيسَة خبيثة استطاعوا أن
يبثُّوها في المسلمين, فأنزل الله ـ عز وجل ـ قوله: (مَا نَنسَخْ مِنْ
آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا) أي نُؤخرّها ( أو نُنسِها) أي نُنسِيها النبي ـ صلى
الله عليه وسلم ـ كما جاء في بعض الروايات وهي قراءتان (نَأْتِ بِخَيْرٍ
مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ) هنا الله ـ عز وجل ـ يُعزِزّ في نفوس النبيّ ـ صلى الله عليه
وسلّم ـ والمؤمنين قدرة الله وأنّ لله الأمر كلّه, إذا شاء أنزل الآية وإذا
شاء رفعها, فلُه الحِكمة البالِغة سبحانه وتعالى في الأمر, فقال: (أَلَمْ
تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (ألم تعلم أنّ الله له
مُلك السّماواتِ والأرض ومَالكم مِن دُونِ الله مِن وَليّ ولا نَصير)
فهُنا الله ـ عز وجل ـ ردّ عليهم هذا الزعم وهذا الطعن وهذا التشكِيك تثبيتاً للمؤمنين
بعد ان ردّ الله طعن اليهود تثبيتاً للمؤمنين قال الله للمؤمنين: (أَمْ
تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ)
كان بني إسرائيل يُكثرون الأسئلة لنبيّهم, فكان بعض الصحابة يسألُون النبيّ
ـ صلى الله عليه وسلم ـ فحذّر الله المؤمنين من مُشَابَهتِهِم, وهذا
التحذير الثالث مشابهة اليهود وسُلوك سبيلهم في تلقّي أمر الله وتعامُلهم
مع نبيّهم وكثرة سؤاله, ونهّاهم النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن كثرة
السؤال وهذا المراد بهذه الآية.
ثم
قال الله في توجِيه المؤمنين وتحذِيرهم (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا
مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) هذا
توجيهٌ من الله للمؤمنين وتحذيرٌ لهم من كيدِ اليهود, أنّ هؤلاء يودّون لو
يردُّونَكم من بعد إيمانكم فيُزعزِعُون هذا الإيمان في نفُوسِكم ويقذفُون
في نفوسكم الشكوك, فالله ـ عز وجل ـ حذّرهم بذلك, ثم قال الله ـ عز وجل ـ
في نفس الآية: (فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ
بِأَمْرِهِ) ما معنى هذه الآية؟
يعني كأنّ الله ـ عز وجل ـ يقول
اتركُوهم لا تُواجِهُوهم أو تُقاتِلوهم فتكون ذلك فتنة (فَاعْفُواْ
وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ) حتى يأتي اليوم الذي
يُريد الله تعالى فيه أن يُجلّيهم أو يقتلهم بأيديكم كما في سورة الحشر
وغيرها (إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وانشغلوا بماذا؟
(وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ
لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ) كأنّ الله ـ عز وجل ـ
أراد أن يَصرِف نفوس المؤمنين مّما يُثير في نفوسهم غضباً على هؤلاء
اليهود, ويشحن نفُوسَهم ممّا قد يدعُوهم إلى الاعتداء عليهم فيدعوا ذلك إلى
القتال, فلذلك قال الله ـ عزّ وجل ـ انشغلوا بعبادة الله كأنّ الله يقول
لم يحِنِ الوقت إلى قِتَالهم, وهذا نأخذ منه درساً عظيماً أنّ المسلم ينبغي
أن لا يستعجِل أمرَ الله فيقول هؤلاء الكفار وهؤلاء اليهود يعيثُون في
الأرض فساداً, وهؤلاء اليهود يقُومُون بكل ما لديهم من كيدٍ ومكرٍ وفسادٍ
وإفسادٍ في الأرض ومع إخواننا هناك ونحن صامتون!!
نعم يجب أن يكون في
نفوسنا غيرة لدين الله ونصرة لإخواننا, لكن لا نستعجِل أمر الله ـ عزّ وجل ـ
كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (ولكنّكم قومٌ تستعجلون) سيأتي اليوم الذي يأذن الله تعالى فيه بكبتِ هؤلاء وقتلهم وإسقاطِ
دولتهم, لكن الأمر راجعٌ إلى ما نحن عليه, نحن غير مؤهلّين لأن نُواجِه,
انظروا إلى أحوال المسلمين اليوم ضَعف وتخلّي عن مبادِئ الإسلام وتفرّق
وشِتات واختلاف فيما بينهم, فكيف ننتصر؟ فهذا يدعونا إلى أن نرجِِع إلى
أنفسَنا كما قال الله: (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا
تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إِنَّ
اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق