الآيات 111 - 116
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الآيات من قوله: (وَقَالُواْ لَن
يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى....) كل هذه
الآيات في كشف زيف المكذّبِين من اليهود وإبطَالِ افتراءاتِهم والطعنِ في
اعتقاداتهم, مقابلةً لماذا؟ الله ـ عز وجل ـ هنا يطعن فيما هُم عليه,
مُقابل طعنِهم وافترائِهم على دين الإسلام وتشكِيكِهم للمسلمين, يُقابلهم
بمثلِ ما هُم عليه, فقال الله ـ عز وجل ـ هنا أولاً (وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى) من أين هذا لهم؟
افتراء, فهذا دحضَ الله ـ عزّ وجل ـ هذا الافتراء الذي زعمُوه, وقال الله
ـ عز وجل ـ : (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ
فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ
يَحْزَنُونَ) هؤلاء هُم أهل الجنة, ومن هؤلاء؟ هم المؤمنون, كأنّ الله يقول
أنّ أهل الجنة هُم المؤمنون, لكنّ الله عبّر عنهم بهذا الوصف (مَنْ
أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ) وتأمّلوا هذه الآية (أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ)
يعني جعل كل أمرَه ووجهه وجهَتَه وتوجّهَه إلى الله ـ عزّ وجل ـ (وَهُوَ
مُحْسِنٌ) ليس هو عامل, هو مُحسن يعني في عمله مُحسن فجمع بين الإخلاص
والإحسان في المُتابعة فهذا المؤمن الحقّ, ثم قال الله ـ عز وجل ـ ناقضاً
لهم أمراً آخر (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ
وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ) هذا بيان لماذا؟
لتنَاقُض تِلك المِلَل واختلافها, كل ملّة تزعُم أنّها على شيء ليست الأخرى
على شيء, فماذا قال الله ـ عز وجل ـ : (وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ) كلٌ
معه كتاب, كلٌ واحده تُبطل الديانة الأخرى (كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ
يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ) من هم الذين لا يعلمون؟ المشركون, ثم قال
الله ـ عز وجل ـ: (كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ
قَوْلِهِمْ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا
كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)
ثم قال الله ـ عز وجل ـ في ردّ وإبطَال لما هُم عليه وتقبِيح ما هم عليه
قال: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ
فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا) هذا وصفٌ لمن؟
وصفٌ لليهود
ووصفٌ للنصارى ووصفٌ للمشركين, كل هؤلاء وقُعوا في هذا الوصف, كأنّ الله ـ
عز ّوجل ـ يقُول لو كنتم على دِينٍ ما منعتم مساجِد الله (وَمَنْ أَظْلَمُ
مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي
خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ
أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ
فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) ثم قال الله ـ عز وجل ـ مُطمئِناً
المؤمنين وأنّ هذا من كرامة الله لهم (وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ
فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ) كأنّ الله يقول إذا مُنعتِم
أيّها المؤمنون (ولِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا
تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ) ثم بيّن أيضًا افتراءً لهم آخر إبطَالُ
لمِا هُم عليه, قال الله: (وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا
سُبْحَانَهُ) كلّ هؤلاء الطوائف الثلاث قالوا اتخَذَ الله ولداً, فاليهود
قالوا عزيرٌ ابن الله, والنّصارى قالوا المسيح ابن الله, والمشركُون قالوا
الملائكة بناتُ الله, فقال الله هنا: (وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا
سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ
قَانِتُونَ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً
فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق