تفسير الآيات من 261 - 267
) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ
أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا
وَلَا أَذًى ( قال أهل التفسير :
) ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ ( ولم يَقُل ( ولا
يُتِبِعُون ) ، ( ثُمَّ ) تدُل على أنّه لا في القريب ولا
في المستقبل لا يَمنُّون ، فأجمل صفة بعد أن ذكر الله المثل مثّل بالنفقة كمثل
حبّة أنبتت سبع سنابل ، بعد ذلك أثنى على أعلى صِنف وهم الذِّين يُنفقون أموالهم
في سبيل الله ، ثمّ لا في العاجل ولا في الآجل لا يُتبعون هذا المُنفق منّاً ولا
أذى ، والمنّ أيضاً قد يكون منّ قلبي ، ومنّ لساني . وبعضهم قال أنّ المنّ ما كان بالقلب ، والأذى
ما كان باللسان .
قال
الله - عز ّوجل - : ) لَهُمْ أَجْرُهُمْ ( الآية الثانية تُشبهها , زادت ماذا ؟ ) فَلَهُمْ ( فلماذا ؟ يقول ابن القيّم رحمه
الله : [1]
لمّا قال هنا ( لهم ) مباشرة كأنّهم لمّا
اتصفوا بهذه الصفات لا مِنّة قبلية ولا منّة بعدية ولا أذى قَبلي ولا أذى بعدي ,
كأنّ الله وصفهم ، كأنّ الخصوص لهم كأنّهم أخذوا هذا الأجر واستحقّوه بخلاف
الآخرين الذين ينفقون بالليل والنهار شَرطُهم إذا فعلوا ذلك ( فلهم ) وأيّهم أبلغ ؟ الذِّي بدون الفاء ( لهم ) كأنّه مختصٌ لهم , هذا خصوصاً لهم .
) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ
أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا
وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا
هُمْ يَحْزَنُونَ ( .
لا خَوف ، ولا حُزن
, لا خوف لا في الدنيا ولا في الآخرة , لا خوف عليهم من الفقر ، ولا هم يحزنون
أيضاً على هذا المُنفَق , وأيضاً الجزاء هناك أنَّهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .
ثم قال الله - عز وجل - في الآداب :
فقد أعطانا صُورة المَثل ( مَثَل الإنفاق ) حتّى يرغبّنا فيه مَثَل حيّ كأنَّك تُشاهده , ثم قال الذين يتصفّون
بهذه الصِّفات في سبيل الله , لله وليس للنَّاس ، ولا يُتبِعون ما أنفقوا منّاً
ولا أذى ) لَهُمْ أَجْرُهُمْ ( ثُمَّ قال : ) قَوْلٌ مَعْرُوفٌ
وَمَغْفِرَةٌ ( وهنا مُلاحظة ) قَوْلٌ مَعْرُوفٌ
وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ( بدأ في التفصيل في الآداب ) قَوْلٌ مَعْرُوفٌ
وَمَغْفِرَةٌ ( يعني لو أنَّ قائلاً قال
أنا الآن بين أنَّي أُنفق المَقُول أو أُنفِق المَال ؟
يعني
بعض الناس قد يُعدَم أو يقلّ عنده ( العَطاء الأخلاقي
) وعادَته يُعطي لكنَّه مَنّان مُؤذي , إذا جاءه الفقير قال أعطيناك ، وأنت لا
تشبع ، ثم أهانه ، ثم أعطاه أو لم يُعطِه , فقال الله - عز وجل - : ) قَوْلٌ مَعْرُوفٌ
وَمَغْفِرَةٌ ( لكن ما الذِّي جاء بكلمة المغفرة هنا ؟ ) قَوْلٌ مَعْرُوفٌ ( والمعروف يعني الكلام السَّمح , بعض الأحيان يتكلم عليك الفقير
كلام , فقال الله - عزَّ وجل - : ) قَوْلٌ مَعْرُوفٌ
وَمَغْفِرَةٌ ( سواء حتى لو مَنعته أنت ليس عندك شي , ولذلك أنا كنت أجمع جملة من
الآيات فوجدت فيه ترابط يا إخوان بين ( القَول
والعَطَـاء ) في كلِ عطاء :
•
) وَإِذَا حَضَرَ
الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ
مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ( [2] .
•
) وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ
عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا ( [4] .
ليس
لديك شيء ، ليس لديك مال فَقُل ) لَهُمْ قَوْلًا
مَعْرُوفًا ( أَنت تُنفِق على هؤلاء
الأيتام جعلته لهم ولم تجعله لنفسك بل لهم ، ومع ذلك تقول لهم قولاً معروفا , حتى أولادك يريدون شيْء وقصرّت , تُعطيهم
من هذا المَال وقد أَعطيتهم قليلاً ومع ذلك تقول لهم القول المعروف . في
قوله تعالى : ) وَلَا تُؤْتُوا
السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا
وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ( .
إذاً
هناك ترابُط بين ( العَطَاء المادي ، والعَطاء
الأخلاقي ) لكن لو تعارضت ؟
نقول القول أفضل ) قَوْلٌ مَعْرُوفٌ
وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ( فانتبِهُوا لمسألة الأذى , ثم قال الله سبحانه وتعالى هؤلاء الذين
يُؤذون بكلامهم .
هناك
الذين يُؤذون بالرِّياء يُبطلون أيضاً الأعمال
وهذا يدُّلُك بعض الأحيان أنّ بعض الأعمال الحسنة
قد تبطل ببعض الأعمال السيئة , قال الله سبحانه وتعالى : ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ
مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ ( هو يُنفق لكنَّه يُخبِر النَّاس أَعطيت فلان ، وفعلت لفلان
فيُؤذيهم , وكما قلت لكم بعض العلماء فرَّقوا بين المنّ والأذى :
•
فقالوا المَنّ هو أنّك تَمُنّ أمامه .
•
والأَذى هو أنّك تُؤذيه في ظهره ) لَا تُبْطِلُوا
صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ
وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ( .
فهُنا
يَضربُ مثلاً للذِّين يُنفقون لكن لا تنفع هذه النَّفقة عكس ذاك المثل , ذاك المثل
( حبّة أنبتت سبع سنابل ) لكن هذا كَصفوان ,
تِلك الصَّفَاة التِّي عليها تراب فيظُنُّه الظَانّ أنَّ هذا التُراب يَنفع , فقال
الله - عز وجل - : ) فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ
صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ ( يعني مع أنّ التراب هذا لا يَبقى فيه شيء، لكنّه كأنّه في الظاهر
مُنفق , لكن ) فَأَصَابَهُ وَابِلٌ
فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا ( ولذلك هنا هذا من الخذلان - عياذاً بالله - لذلك الله يقول ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ
مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ
فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ ( فهذا المثل فيه تنفير ، وذاك
المثل فيه ترغيب .
ثم
قال الله سبحانه وتعالى أيضاً عاد يُمثِّل للمؤمنين , المثل السابق عام لكن هنا
قال في صفات المُؤمنين المُنفقين قال الله سبحانه : ) وَمَثَلُ الَّذِينَ
يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ( مثل جميل تأمّلوا فيه ) وَمَثَلُ الَّذِينَ
يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ
أَنْفُسِهِمْ ( جمعُوا بين ماذا ؟
الإنسان ما الذِّي يُقعده أحياناً ؟
• إمّا ضَعف تذّكُر الأجر .
• وإمّا ضَعف نفسه .
•
أو كِلاهُما .
لكن
هذا فيه من الطِيبة ) وَمَثَلُ الَّذِينَ
يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ
أَنْفُسِهِمْ ( يعني هم يُخلِصُون لله - عز وجل - ونفُوسُهُم طَيِّبة بالنَّفقة ,
كُلما أراد أن يُخرِج عشرة تقول له نفسه أخرِج عشرين , نفس طيِّبة ، وليست بنفس
خبيثة ) إِنَّ النَّفْسَ
لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ( لكن هذه نفسٌ مطمئنة مُصدِّقة بموعود الله - عز وجل - ولذلك نفسه
مثبّتة هذا مثل ماذا ؟
هذا
كمَثَل كجنَّة بربوة , الجنَّة زينة كيف لو كانت في ربوة ؟!!
) أَصَابَهَا وَابِلٌ ( يعني الجنة عندما تكون في ربـوة يكون هواءَها نَقيّ والشَّمس
تأتيها من جميع الجهات ومرتفعة وباردة ) كَمَثَلِ جَنَّةٍ
بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ ( مطر كثير ) فَآَتَتْ أُكُلَهَا
ضِعْفَيْنِ ( لاحظوا القوة ابتغاء مرضاة الله وتثبيتاً من أنفسهم ) فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا
وَابِلٌ فَطَلٌّ ( يعني إن ضَعُفَت بعض الجوانب التّي عندها فطلّ ) وَاللَّهُ بِمَا
تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ( .
ثم
خَتمت الآيات أو جاءت الآيات أيضاً بمَثَل مُخيف , وهو أيضاً له صلة بالنفقة ) أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ
جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ ( [5] انظروا لهذا المثل , عمر - رضي الله عنه - جمع الصحابة وقال لهم ما
ترون في هذا المَثَل ؟ فقال ابن عباس واستأذن بعد أن سكت الصحابة , فقال أقول يا
أمير المؤمنين , قال قُل , فقال هذا مثل ضربه الله - عزَّ وجل - لِرجل عمل
بالصَّالحات لكن خُتم له عياذاً بالله بالخاتمة السيئة .
ولاحظوا
هذا الذي ضَرب الله - عز وجل - أيودّ أصلاً ما يُحب , كيف بالودّ ؟ الودّ أشدّ من
الحب تمثيل ) أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ ( أيتمنّى أحدكم ) أَنْ تَكُونَ لَهُ
جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ
فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ( طبعاً لماذا النَّخيل والأعناب ؟
لأنّهما
هُما أبرز الثِّمار التّي كانت موجودة في الجزيرة .
وأيضاً
فيها من كل الثمرات وتجري من تحتها الأنهار , هذه في غاية الحُسن , أيودُّ أحدكم
أن تكون له جَنَّة بهذه المثابة ولكن لاحِظُوا أنَّ عنده هذه الجنَّة التي فيها كل
ما يُريده الإنسان ) وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ ( طبعاً لمَّا أصابه الكِبَر ، وليس فقط الكِبَر ولكن ) وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ
ضُعَفَاءُ ( لا يقومون هم بأنفسهم ولكن يحتاجُون لمن يقوم عليهم ) وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ
فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ ( فأَحوج ما يكون للجنّة , ولذلك الإنسان عياذاً بالله قد يُختم له
بخاتمة سوء , وقد يعمل أعمال في الظَّاهر عند الناس أنّها لله - عز وجل - لكن
لأنّه لم يبتغي بها وجه الله .
ولذلك الإنسان دائماً يسأل لله حسن
الخِتام
, هذا مَثَل ضُرب لِحُسنِ الخِتَام يعني لمَّا أراد يُختم خُتم له بهذه الخَاتمة -
عياذاً بالله - ) فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ
فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ
لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ( ولذلك كان بعض السَّلف
إذا قرأَ الأمثال ولم يعقلها بكى
، وقال إنَّ الله - عز وجل - يقول : ) وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا
الْعَالِمُونَ ( [6] لو كُنتُ من العَالِمين لعَقِلت !! [7] .
فهذا المَثَل ينبغي أن يكون حاضِر في أذهاننا , وأن الإنسان يعيش
بين الرجاء والخوف , ويغلّب جانب الخوف في حال الصحة , ولا يغرُّه كثرةُ المَادحين
ولا يغرُّه بعض ما يفعله من الصَّالحات إن كان لا يريد وجه الله - عز وجل - لأنّ
هذا الذي عَمِل لم يكن مُخلصاً لله سبحانه وتعالى .
ثم
قال الله سبحانه وتعالى بعد أن بيّن الأمثلة وبيّن نُوع المنفَق , الآن تكلّمنا عن
النفقة وأجرها , قال الله - عزَّ وجل - مُتحِدِّثاً سبحانه عن المُنفَق منه ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ
مِنَ الْأَرْضِ ( أنفقوا من الطيِّب ) وَمِمَّا أَخْرَجْنَا
لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ( طبعاً كأنَّ الآية تحدثَّت عن الزَّرع وعن التِّجارة , فأين المَاشية إذاً ؟ الغالب طبعاً في أهل مكة
والأنصار أنّهم كانوا إمّا زُرَّاع الأنصار ، وإمّا تُجار أهل مكة المهاجرين هذا
الغالب , وأهل الماشية قليل .
قال
الله سبحانه وتعالى : ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ
مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ ( التيَّمم معناه القَصد ) وَلَا تَيَمَّمُوا
الْخَبِيثَ مِنْهُ ( تأخذون فقط من هذا الخبيث ؟ لا بل ) وَلَا تَيَمَّمُوا ( تَقصِدُوه ، يعني لو ما قصدت وما علمت عنه هذا سهل , لكن هذا
المال الذِّي عندك تجمع الخبيث ثم تقصِد تأخذ منه ! ) وَلَا تَيَمَّمُوا
الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ( قال الله - عز وجل - ) وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ ( لو أنّك مكان هذا الفقير هل ستأخذه ؟ ) وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ ( إذا كنت مضّطر قد تأخذه لكن على إغماض فيه , بعضُنا إذا أراد أن
يتبرَّع بملابس أو غيره ، يتبرَّع بشيء حتى أنّه لا يُقبل , يعني يتبرَّع بأشياء
من المأكول ، والمشروب , فإذا الطَّعام أوشك على الانتهاء أو انتهى , أو المَلبوس
قرَّب من التلف ، تعمَّد جمِّعوا هذا ، جمِّعُوا الشين - حتى يُصَرِّح به الشِّين
- أعطونا نتصدق به !! ) وَلَا تَيَمَّمُوا
الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ( وطبعاً هذا مُشكل إذا كان في الزكاة ) وَلَا تَيَمَّمُوا
الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ ( أنتم لن تأخذوه ولو احتجتم , لكن لو احتجتم ) وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ
إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ( غنيّ هذا مُناسِب ، ولذلك الله - عز وجل - يُؤكدّ بهذه الصفتين
أنّه يَحمِد لمن التزم ولم يُنفِق هذا الرديء .
) الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ
الْفَقْرَ ( كثير من الناس فعلاً ممّا يُثبِطّه في النَّفقة أنَّ الشيطان
يُخوِّفه بالفقر يقول ستفتقر, مع أنَّ الرِّزق في السَّماء ) وَفِي السَّمَاءِ
رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ
لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ( [8] الأعرابي جاء للنبيّ - صلى الله عليه
وسلم - وسمع هذه الآية تُقرأ فأخذ ناقته وذبَحها , ثم جاء في العام القادم فسمع
النبي يقرأ ) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ
وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ( فقال الأعرابي من أَغضَب الإله حتى حلف ؟!
يقول
مُصدِّقين يا ربّ ، أنا ذبحت ناقتي ) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ
وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ( .
) الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ
الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ ( والفَحشاء هنا البُخل , الصَّحيح أنّه البخل , والبخل داء ,
وينبغي لأهل الصَّلاح والخَير أن يتخلَّصُوا منه ويَحذرُوا منه كل الحُذر .
) الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ
وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا ( النبيّ صلى الله عليه وسلم لمّا أراد أن يُؤمِّر، فشاوروا النّبي
صلى الله عليه وسلّم ، هل نُؤمّر فلان أو فلان ؟ لكن فلان شُجاع لكنّه بخيل , قبل
أن يسمع الآخر
قال : أوَّه ، قال وهل هُناك داء أدوى من البُّخل لا
يصلح أن يكونَ أميراً - أمير وبخيل لا تأتي .
[1]
يقول ابن القيم في طريق الهجرتين : ( هذا بيان للقرض الحسن ما هو
وهو أن يكون في سبيله أي في مرضاته والطريق الموصلة إليه ومن أنفعها سبيل الجهاد وسبيل
الله خاص وعام والخاص جزء من السبيل العام وأن لا يتبع صدقته بمن ولا أذى فالمن نوعان
أحدهما من بقلبه من غير أن يصرح به بلسانه وهذا إن لم يبطل الصدقة فهو من نقصان شهود
منة الله عليه في إعطائه المال وحرمان غيره وتوفيقه للبذل ومنع غيره منه فلله المنة
عليه من كل وجه فكيف يشهد قلبه منة لغيره والنوع الثاني أن يمن عليه بلسانه فيعتدي
على من أحسن إليه بإحسانه ويريه أنه اصطنعه وأنه أوجب عليه حقا وطوقه منة في عنقه فيقول
أما أعطيتك كذا وكذا ويعدد أياديه عنده قال سفيان يقول أعطيتك فما شكرت وقال عبد
الرحمن بن زياد كان أبي يقول إذا أعطيت رجلا شيئا ورأيت أن سلامك يثقل عليه فكف سلامك
عنه وكانوا يقولون إذا اصطنعتم صنيعة فانسوها وإذا أسديت إليكم صنيعة فلا تنسوها وفي
ذلك قيل :
وإن امرأ أهدى إلي صنيعة ... وذكرنيها
مرة لبخيل.....)
[2]
سورة النساء 8 .
[3]
سورة النساء 5 .
[4]
سورة الإسراء 28 .
[5]
صحيح البخاري باب سورة البقرة عن ابن عباس قال سمعت أخاه أبا بكر
بن أبي مليكة يحدث عن عبيد بن عمير قال : قال عمر رضي الله عنه يوما لأصحاب النبي صلى
الله عليه وسلم فيم ترون هذه الآية نزلت )
أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ (
؟ قالوا الله أعلم فغضب عمر فقال قولوا نعلم أو لا نعلم فقال ابن
عباس في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين قال عمر يا أخي قل ولا تحقر نفسك قال ابن عباس
ضربت مثلا لعمل قال عمر أي عمل ؟ قال ابن عباس لعمل قال عمر لرجل غني يعلم بطاعة الله
عز و جل ثم بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله
[ ش ( منها شيء ) أي من العلم بتفسيرها
. ( أغرق أعماله ) أضاع ثواب أعماله الصالحة بما ارتكب من المعاصي ]
[6]
سورة العنكبوت 43 .
[7]
جاء في تفسير ابن كثير قال بعض السلف : كنت إذا قرأتُ مثلا من القرآن
فلم أفهمه بَكَيت على نفسي ؛ لأن الله تعالى يقول : )
وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (
وجاء في تفسير ابن أبي حاتم عن عمرو
بن مرة ، قال : « ما مررت بآية في كتاب الله لا أعرفها إلا أحزنني ؛ لأني سمعت الله
يقول : )
وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ
(
.
[8]
سورة الذاريات 22 - 23 .
[1]
يقول ابن القيم في طريق الهجرتين : ( هذا بيان للقرض الحسن ما هو
وهو أن يكون في سبيله أي في مرضاته والطريق الموصلة إليه ومن أنفعها سبيل الجهاد وسبيل
الله خاص وعام والخاص جزء من السبيل العام وأن لا يتبع صدقته بمن ولا أذى فالمن نوعان
أحدهما من بقلبه من غير أن يصرح به بلسانه وهذا إن لم يبطل الصدقة فهو من نقصان شهود
منة الله عليه في إعطائه المال وحرمان غيره وتوفيقه للبذل ومنع غيره منه فلله المنة
عليه من كل وجه فكيف يشهد قلبه منة لغيره والنوع الثاني أن يمن عليه بلسانه فيعتدي
على من أحسن إليه بإحسانه ويريه أنه اصطنعه وأنه أوجب عليه حقا وطوقه منة في عنقه فيقول
أما أعطيتك كذا وكذا ويعدد أياديه عنده قال سفيان يقول أعطيتك فما شكرت وقال عبد
الرحمن بن زياد كان أبي يقول إذا أعطيت رجلا شيئا ورأيت أن سلامك يثقل عليه فكف سلامك
عنه وكانوا يقولون إذا اصطنعتم صنيعة فانسوها وإذا أسديت إليكم صنيعة فلا تنسوها وفي
ذلك قيل :
وإن امرأ أهدى إلي صنيعة ... وذكرنيها
مرة لبخيل.....)
[2]
سورة النساء 8 .
[3]
سورة النساء 5 .
[4]
سورة الإسراء 28 .
[5]
صحيح البخاري باب سورة البقرة عن ابن عباس قال سمعت أخاه أبا بكر
بن أبي مليكة يحدث عن عبيد بن عمير قال : قال عمر رضي الله عنه يوما لأصحاب النبي صلى
الله عليه وسلم فيم ترون هذه الآية نزلت )
أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ (
؟ قالوا الله أعلم فغضب عمر فقال قولوا نعلم أو لا نعلم فقال ابن
عباس في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين قال عمر يا أخي قل ولا تحقر نفسك قال ابن عباس
ضربت مثلا لعمل قال عمر أي عمل ؟ قال ابن عباس لعمل قال عمر لرجل غني يعلم بطاعة الله
عز و جل ثم بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله
[ ش ( منها شيء ) أي من العلم بتفسيرها
. ( أغرق أعماله ) أضاع ثواب أعماله الصالحة بما ارتكب من المعاصي ]
[6]
سورة العنكبوت 43 .
[7]
جاء في تفسير ابن كثير قال بعض السلف : كنت إذا قرأتُ مثلا من القرآن
فلم أفهمه بَكَيت على نفسي ؛ لأن الله تعالى يقول : )
وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (
وجاء في تفسير ابن أبي حاتم عن عمرو
بن مرة ، قال : « ما مررت بآية في كتاب الله لا أعرفها إلا أحزنني ؛ لأني سمعت الله
يقول : )
وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ
(
.
[8]
سورة الذاريات 22 - 23 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق