تفسير الآيات من 275 - 276

تفسير الآيات من 275 - 276

 الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) 
قال الله تبارك وتعالى في محكم التنزيل , أعوذ بالله من الشَّيطان الرجيم ) الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا ( هذه الآيات أتت بعد ماذا
أيّها الإخوة ؟! بعد آية الصَّدقات , وما هي الآيات التي أتت بعدها ؟! آية الدَّين . ما علاقة هذه المواضيع الثَّلاثة بعضها ببعض ؟! هذا يُسمُّوه علم " التَّناسب بين الآيات " .
نحن نعلم أنّ القرآن نزل ليس بهذا الترتيب ، أليس كذلك ؟! القرآن نزل حسب الوقائع والأحداث ، فأوَّل سورة نزلت صَدر سورة ) اقْرَأْ ( ومع ذلك نجدها في القرآن متأخرة لكن من الذي رتّب الآيات بهذا الترتيب ؟! الجواب : النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث إذا نزلت الآية يقول : ضعوا هذه الآية في مكان كذا وكذا .
ولذلك ترتيب الآيات إنّما هو بإجماع أهل العلم على هذا الترتيب , ولمَّا كان ترتيب الآيات هو من قبيل الوحي فإنَّ العُلماء تلَّمَسُوا هذه المناسبات , تظهر أحياناً وتخفى أحياناً ، لكن ما ظهر لنا منها فإنّنا نؤمن به ونُظهِرُه , وما لم يظهر لنا فإنّنا نَكِل علمه إلى الله تبارك وتعالى ) وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ( [1] وربَّما يأتي من يُظهره .
هذه المواضيع الثلاثة آيات الصدقات ، ثم آيات الربا ثم آيات الدَّين , ذكر ابن القيم رحمه الله المناسبة في هذه العبارات - قال ابن القيّم : ذكر سبحانه المُحسِن وهو ( المتصدق ) ثم عقَّبه بالظَّالم ( وهو المُرَابي ) وهو على العكس [2] .
المُتصدِّق يبذُل ماله في الظَّاهر أنّه ينقص لكنّ الله يُنمّيه , المُرابي يأخُذ المال زيادة في الظَّاهر أنّه زيادة ، وهو في الواقع محق كما سيأتينا .
إذاً قال ابن القيّم - على العكس تماماً - , يقول رحمه الله : ذكر سبحانه المُحسن وهو المُتصدِق ثم عقّبه بالظالم وهو المُرابي ثم ذكر الله تبارك وتعالى العادل [3] .
العادل من هو ؟! آية الدين الذي ذكر الله عز وجل وهو الذي يأخذ رأس ماله من غريمه لا بزيادةٍ ولا نقصان , إذاً هناك ترابط جميل جداً ، ترابط جيد .
وأنا أقول يا إخواني نحن في هذه الدروس سنحرص أن نُفسِّر ، لكنِّني سأضيف إليها إن شاء الله أحياناً - بحسب ما يسمح الوقت - " صَنعة علم التَّفسير " وأنا أدعو الإخوة أن يجعلوا أحيانا ربّما في ثنايا الدورة ، أو إذا كان هناك مجال ما يُسمى بـ " صنعة علم التفسير " بمعنى أن يَجلِس المُلقِي ، والشِّيخ مع بعض الطُّلاب ، ويأخذوا وجهاً واحداً ويتدربّوا عليه , بمعنى يقول : ما مناسبة هذه الآية ؟! لماذا ذكر الله هذه الكلمة ؟! كيف ذُكرت هذه الكلمة ؟! لماذا ختم الله بهذه الآية ؟! لماذا أظهر في موضع الإضمار ؟! .
الذي يُسمّونه " صنعة علم التفسير " يتعلَّم الطالب علم التفسير , لأنَّ التفسير إمّا أن تتعلمّه ، أو تتعلّم صنعته , وسأحاول أن أذكر لكم بعض الأشياء أثناء الشَّرح , لكن لأنّ الكمّية كبيرة فلا أستطيع أن آخذ وأعطي مع الإخوة وإلاَّ من طريقتي في التفسير أن لا أجعل التَّفسير من طرفٍ واحد , وأن أجعل الإخوة المُتلقّين هم الذين يُعطوننا أكثر الأشياء لأنّ الشيء إذا حصل فيه أخذ وعطاء ، والإنسان استنبط بنفسه , يستفيد أكثر .
ولذلك يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله - له منهج في التفسير - يقول : أول ما تنظُر في الآية انظر لها بنفسك , لا تنظر لأحد , حاول أن تتدبّر تستنبط تتعلّم , ثم قيّد هذه الأشياء ثم ارجع إلى كتُب التفسير ، ووازن مع نفسك , كيف هل أنت أصبت أو أخطأت ؟! تجد أنّك في الآية العاشرة تُصيب ، أكثر مّما أخطأت في الآية الأولى وهكذا .
وهكذا علم التفسير علم طويل , وكتاب الله عز وجل أكثر من ستة آلاف آية , ولذلك تعلُّم صنعة علم التفسير من المهم , إذاً ذكرنا الآن المناسبة يا إخواني بين هذه الآيات .
قال الله تبارك وتعالى : ) الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا ( الربا لغةً : الزيادة مطلقاً .
وهو ينقسم إلى قسمين :
* ربا نسيئة : وهو التأخير .
* وربا فضل وهو الزيادة .
وربا النسيئة هو ربا الجاهلية الذي وضعه النبّي صلى الله عليه وسلم ولذلك حُرّم ربا النسيئة بالإجماع , وقد حصل خلافٌ يسيرٌ في ربا الفضل ، والصّحيح وأقوال أهل العلم على أنّ الربا كله نسيئته وفضله كذلك مُحرّم .
قال الله تبارك وتعالى : ) الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا ( كيف يأكلون الربا ؟! الذين يشربون الربا ؟! الذين يسكنون عن طريق الربا ؟! لم يُذكروا في القرآن
نقول : الله حرّم الربا بجميع وجوه وأنواع الانتفاع , لكن ذكر الأكل لماذا ؟! لأنّه أعمّ وجوه الانتفاع , دائماً يأخذ الإنسان الربا لماذا ؟! في الغَالب يأخذه ليأكله .
ولذلك ذكر الله الربا في هذه الآية ذكر الأكل ، وإلاَّ المحرم جميع وجوه الانتفاع أكلاً ، وشرباً وسكناً ، وغير ذلك , متى ما رابيتَ فهُو محرّم وداخل في هذه الآية سواء كان أكلاً أو غير ذلك .
ولذلك من العجيب – أنّي لم أتوقع أنَّ أحداً تفوت عليه هذه الأشياء -
حتى كنت في الصَّيف الماضي مع أحد طلبة العلم في لندن ، فتدارسنا بعض المواضيع .
قال " هل تعلم أنّ بعض المسلمين الآن يأخذون من البُنوك الربوية بيوتاً يُموِلّونها ليسكنوا ، فيها ؟!
فلمّا ناقشناهم ..
قالوا : الله لم يحرّم إلا الأكل ! .
قلت : أصحيح ! هل وصَل بالنَّاس إلى هذا الفهم ؟!
قال : إيّ ، والله بل إنّهم من الطيّبين أحيانا ! .
فاستغربت كثيراً !
قلت : كيف يغيب على الناس هذا المعنى ؟!
يقولون : أبد الله ما حرّم إلا الأكل ، أمّا تشُّرب ، تسكن ، إلى غير ذلك ، تأخذ من البنوك الربوية ولا يَضُرُّك ! .
وهذا من الجهل بكتاب الله تبارك وتعالى . إذاً قلنا أنّ الله عزّ وجل خصّ الأكل لأنّه أعمّ وجوه الانتفاع .
ثم قال الله عز وجل ) لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ( القيام هذا ، أين محلّه ؟! هذا الذي نُسميّه " صنعة علم التفسير " أين محلّ هذا القيام ؟
القيام هذا العلماء فيه على قولين :
* القول الأول : هو يوم القيامة ، وعلى هذا أكثر المفسّرين ، أيّ لا يقومون من قبورهم يوم القيامة ، إلا كما يقوم المصروع حال صرعه ، وتَخبُّط الشَّيطانِ له ، وذلك أنّه يقوم قياماً منكراً .
ولذا قال ابن عباس : ( آكل الربا يُبعث يوم القيامة مجنوناً يُخنَق ) [4] وهذا لا مجال للرأي فيه , وهذا نُسمِّيه من المرفوع حكماً .
وهناك رواية عن ابن عباس أخرى : يُقال يوم القيامة لآكل الرِّبا خُذ سلاحك للحرب ! لماذا ؟ !. لأنَّه سيأتينا في آيات . أن الله عز وجل قال : ) فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ( .
يقول ابن عباس : الذِّي يَأكل الرِّبا في الدُّنيا ، إذا بُعِثَ يوم القيامة ، يقال له أوَّل ما يقوم خذ سلاحك للحرب ، في الأصل أن الإنسان ينشغل بنفسه من أهوال يوم القيامة ، ويريد أن يُنجّي نفسه من هذه الأهوال . وقد جاء هذا في أحاديث كثيرة , إذاً تصوَّروا عظم أكل الربا .
القول الأول : يقول ابن عباس رضي الله عنه : ( يُقال يوم القيامة لآكل الربا خذ سلاحك للحرب ) ! [5] ، وقرأ آية البقرة وهذا القول الأول أنَّ القيام إنَّما يكون يوم القيامة .
القول الثاني : أنّ القيام هذا محلّه الدنيا , كيف محله الدنيا ؟! يقول من قال به من أهل العلم أنّهم لشّدة شغفهم بالرِّبا ، كأنَّما يتصرفون تصّرف المُتخبّط الذّي لا يَشعر لأنَّهم سُكارى بحُبِّهم للرِّبا ,
لماذا بعض أهل العلم قالوا إنَّ القيام هذا يكون في الدنيا ؟! قالوا :
لأنّ يوم القيامة ليس له ذكر , لم يتقدم ذكر الذين يأكلون الربا يوم القيامة ) لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ( ولذلك قالوا لم يجري له ذكر ، ولذلك اخترنا أنَّ هذا القيام إنما هو في الدنيا , والأقرب والأولى أنَّ الصحيح هو القول الأول وأنّ القيام يوم القيامة ولا مانع أن نقول هناك إشارة لتخبّط أكلة الربا في الدنيا ، أنتم تعلمون الآن ما حصل بعد الاقتصاد العالمي عندما انهار ، بدؤوا يتسارعون !
ومن عداوتهم للإسلام يعترفون , انظر لتخبّطهم للدنيا وصل بهم إلى أنّهم يقولون لن يُصلح أحوالنا إلا أن تكون الفائدة صفراً , أكبر رؤساء البنوك العالمية يقولون لن يُصلِح أحوالنا من هذا الانهيار إلا أن تكون الفائدة صفراً - أي بمعنى لا نريد ربا - كما هو حال الإسلام ,
بل إنّهم قالوا لابد أن نُدخِل الاقتصاد الإسلامي باقتصادنا ، وأن يُدرَّس الإسلام في اقتصادنا ، لأنّه ثبت أنّ أقل من تأثّروا بالأزمة العالمية البنوك الإسلامية , انظروا لحكمة الله عز وجل في تحريم الربا , الله تعالى حرّم الرِّبا لِحكم عظيمة , لا تظهر من أول وهلة ، لكنَّ والله قد أعطانا الله عز وجل هذا الدَّرس العظيم في الأزمة العالمية حتى إنّ كبرائهم يُصرِّحُون يقولون والله لن يُصلح أحوال الغرب إلا بجعل الفائدة ( الذِّي يسمونه وإلا هو الرِّبا هم يسمونها فائدة ) إلا أن تكون الفائدة صفراً .
) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ( القياس ماذا يقول ؟! القياس أن يكون الربا ) الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا ( إنَّما الربا مثل البيع ! ، لأنَّ البيع متعارف عليه أنّه حلال ، فلماذا قالوا : ) إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ( ؟ عكسوا , الأصل أن يقولوا : إنّما الربا مثل البيع , لأنّهم في الأصل لا يريدون القياس , إنّما يريدون مجرّد الاعتراض ولذلك لم يُدققوا حتى في صحة القياس , مجرّد أن يعترضوا على حكم الله تبارك وتعالى , ولم يريدوا القياس أصلاً لأنَّ المشركين لا يعترفون بمشروعية أصل البيع الذي شرعه الله عز وجل في القرآن .
ثم قال الله تبارك وتعالى : ) وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ( الواو هنا يُحتمل أنّها عاطفة يعني هذا من تمام كلامهم ، ويُحتمل أنها استئنافية من كلام الله تبارك وتعالى : ) وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ( أيّ من بلَغَه نهي الله عن الربا فانتهى حال وصول الشَّرع إليه فله ما سلف من المعاملة وهذا من عدل الله , الآن أنت تبت لك ما سلف ، كما قال الله عز وجل : ) عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ ( [6] .
وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حجّة الوداع : وكل ربا في الجاهلية موضوع تحت قدميّ هاتين وأول ربا أضع ربا العبّاس [7] ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بردّ الزيادات المأخوذة في حال الجاهلية ، بل عفا عمَّا سلف كما قال الله تعالى : ) فَلَهُ مَا سَلَفَ ( أي ما كان قد أكل من الربا قبل التحريم , ثم قال الله متوعداً ) وَمَنْ عَادَ ( أيّ إلى الربا , ففعله بعد بلوغه نهي الله عنه فقد استوجب العقوبة وقامت عليه الحُجّة , ولذلك ختم الآية بقوله : ) فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ( .
وقد روى أبو داود عن جابر رضي الله عنه قال : لمّا نزلت : ) الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من لم يَذرِ المُخابرة فليُؤذِن بحربٍ من الله ورسوله ) [8] .
وإنّما حُرِّمت المُخَابرة وهي المزارعة لبعض ما يخرج من الأرض ، والمُزابنة وهي اشتراء الرطب في رؤوس النخل بالتمر على وجه الأرض , والمُحاقلة وهي اشتراء الحبّ في سُنبله في الحقل بالحبً على وجه الأرض , إنَّما حُرّمت هذه الأشياء وما شاكلها لماذا ؟!
حسماً لمادة الرِّبا لأنّه لا يُعلَم التساوي بين الشيئين قبل الجفاف ، يعني لا يعلم تساوي الرُّطَب مع التمر اليابس , ولهذا وضع الفقهاء قاعدة : الجهل بالمُماثلة كحقيقة المُفاضلة , فعندما تزيد تقول : أُعطيك هذا عشرة بخمسة عشر , هذه حقيقة المُفاضلة الجهل كذلك في المُماثلة ، أن تجهل هل يمكن يكون هذا مثله أو أقلّ . وهذه قاعدة في الربا .
ولذلك الإسلام سدّ كل وسائل الربا , كل الأبواب أغلقها ، لأنّ الربا عاقبته على الفرد والأمّة وخيمة , ومن هذا حرّموا أشياء بما فهِموا من تضييق المسالك المُفضية إلى الربا والوسائل المُوصلة إليه وتفاوت نظرهم بحسب ما وهب الله لكل منهم من العلم قال تعالى : ) وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ( .
ولذلك نجد بعض العلماء ، يُجيز بعض الصُّور وبعض العلماء يُحرّمها , السَّبب في ذلك ؟! أنّها من الوسائل المُفضية إلى الربا فاختلف نظر أهل العلم , وإلاّ لم يختلف أحد من أهل العلم بحرمة الربا .

ولذلك ذكر شيخ الإسلام رحمه الله , أشكل على بعض أهل العلم بعض أبواب الربا , وكان عمر رضي الله عنه يقول : ثلاثٌ ، وددت أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا فيهنّ عهداً ننتهي إليه الجد - أي ميراث الجدّ - والكلالة - أيّ ميراث الكلالة - وأبواب من أبواب الربا [9] .
يعني بذلك بعض المسائل التي فيها شائبة الربا , والشريعة شاهدة بأنّ كل حرام فالوسيلة إليه مثله .
جاء عن ابن عباس رضي الله عنه أنّه قال : ( آخر ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم آية الربا ) [10] وروى أحمد أنّ عمر قال : ( من آخر ما نزل آية الربا , وإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قُبِضَ قبل أن يُفسّرها لنا فدعوا الربا والريبة ) [11] .
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( الربا ثلاث وسبعون باباً ) [12] . وجاء عنه : ( يأتي على الناس زمان يأكلون فيه الربا وقيل له : الناس كلهم ؟! قال : من لم يأكله منهم ناله من غباره ) [13] - نسأل الله العافية والسَّلامة – .
آخر آية نزلت هي : آية الربا , هناك نص آخر سيأتينا أنّ آخر آية نزلت هي قول الله تبارك وتعالى : ) وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ( [14] .
وسيأتينا إن شاء الله أنّ بعض السلف قالوا : أحدث آية في العرش هي آية الدين , يعني هي آخر ما نزلت .
الآن عندنا ثلاثة أقوال :
القول الأول : آية الربا .
القول الثاني : ) وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ( .
القول الثالث : آية الدَّين .
القول الرابع : ) الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ( لكن هذا ليس بصحيح , نزلت في عرفة قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بأشهر , نزلت في حجة الوداع في عرفة .
الجمع بين هذه الأقوال سهل جداً :
نقول هذه الآيات نزلت كترتيبها في المصحف , نزلت جميعاً فكل صحابي أخبر عن بعض ما نزل , آية الربا , ثم ) وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ ( ثم آية الدين , فهي نزلت جميعاً .
فصحابي قال : آخر ما نزل آية الربا .
وصحابي قال : ) وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ( .
وصحابي قال : آية الدين .
نحن نقول إنّ آخر ما نزل آية الدَّين , معناه إنّ أكثر عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان الرِّبا موجود , هل مُهِّدَ له ؟ نقول : نعم , فالشَّيء المتأصّل في الناس من حكمة النبي صلى الله عليه وسلم أن لا بالتحريم دفعة واحدة مُطلقاً ,
فالخمر حُرّم على أربعة مراحل :
كما قالت عائشة : ( والله لو نزل أول ما نزل لا تشربوا الخمر , لقالوا لا ندع الخمر أبداً لأنّ الخمر كان متأصّل جداً عندهم ) [15] فأول ما نزل التلميح دون التصريح وهي آية النحل ) وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا ( [16] فمن ثمرات النخيل والعنب الذي كان في ذلك الزمان " هو مادة الخمر " أو أغلب مادة الخمر عندهم ) تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا ( يعني تُخمّرونه حتى يُسكِر وتتخذون منه ( رِزْقًا حَسَنًا ) تأكلونه في موائدكم رزقاً حسناً, تُقدّم التمر , تُقدّم العنب , فكأنّ هذا مثل لفت النظر . لماذا ؟
ثم أتت المرحلة الثانية : قول الله عز وجل ) يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ( [17] حتى الآن يُخاطب الجانب العقلي , التفكير , فكّر ، فما دام أنّ فيه إثم كبير ، فما فائدة الخمر ؟!
المرحلة الثالثة : ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى ( [18] فضيّق الوقت , فكان في ذلك الوقت لا يستطيع أحد أن يشرب الخمر إلا في وقته ، بعد الفجر لأنَّه وقت طويل يستطيع أن يخمِّر ، ويشرب ويصحو وبعد العشاء ، بعد الفجر عادة الناس ماذا يفعلون ؟! في العمل معناه أنّه ذهب عليه الوقت فإذا جاء في الليل هل الأفضل له أن ينام ليعمل غداً ؟ أم يسهر بالليل وينام عن عمله صباحاً ؟! فضُيّق هذا الوقت , فما بقي إلا قليل , أصحاب اليسار الغير مرتبطين بأعمال معيّنة , حتى نزلت : ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ( [19] فقالوا انتهينا , انتهينا , وتابوا وسالت أزّقة المدينة بالخمر ، متى ؟! لمّا استقرّ الإيمان في قلوبهم , وهكذا لابدّ أن تكون الدعوة .
الربا بعض أهل العلم يرى أنّه مرّ بمراحل كمراحل تحريم الخمر , إذاً متأصّل عندهم بل كانت قبائل تُرابي قبائل معروفة , قبيلة كاملة هي التي تعطي القبيلة الفلانية الربا , العباس عمّ النبي صلى الله عليه وسلم كان مشهور بقضية المراباة , ولذلك صلى الله عليه وسلم قال أول ربا أضعه ربا العباس .
مراحل تحريم الربا :
المرحلة الأولى قول الله في آية الروم , وآية الروم مكيّة ) وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ( [20] إشارة إلى التفريق بين الزكاة والربا , الزكاة هي النَّماء الحقيقي وهي المضاعفة الحقيقية بخلاف الربا , فهي إشارة إلى الربا أنّه لا ينمو بخلاف قصد صاحبه , وهو يقابل آية تحريم الخمر آية النحل ) وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ ( .
ثم أتت المرحلة الثانية الإشارة إلى اليهود ) فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا ( [21] فإذا كان حُرِّم على اليهود ألا يُمكن يُحرَّم على خير أمّة أُخرجت للناس ، من باب أولى وهذه إشارة .
ثم جاءت المرحلة الثالثة ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً ( [22] ما معنى أضعافاً مضاعفة ؟! أي لا تأكلوا أكثر من ضِعف , هذا معنى الآية ، بمعنى أنّ العشرة تكون عشرين , لا تكون أكثر من ضعف , فسقط جملة كبيرة من الربا وضيّق مادة الربا , بعض المُرابين الجشعين يقول ضعف واحد ما يكفينا لا نريد أكثر .
ثم نزلت الآية الحاسمة للربا ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ( [23] فحسم الله مادة الرِّبا قليله وكثيره ، وإني أعجب من بعض المفُتين الذين أفتوا أنّه يجوز إلى الضعف استدلالاً بهذه الآية , إذاً لماذا لا ترد هذا إلى المُحكم الذي نزل بعده ؟! يقول يجوز أنت ترابي للضِّعف - نسأل الله العافية والسلامة – .
وهذا من الإيمان ببعض الكتاب والكُفر ببعض , وإلا ما الذي جعلك تأخذ آية ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً ( ولا تأخذ ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا ( قليله وكثيره .
في الآية إثبات المَسّ وأنّه حقيقة أثبتها القرآن بخلاف من يُنكر صرع الجِنّي للإنسي وإلا ما ضُرب للمثل لأنَّ الله لا يضرب أمثال بما لا يعلمه النّاس ، ولذلك لمَّا ضربه معناه أنّه حقيقة واقعة وهذا شيء مشاهد حتى بين الناس .
ثم قال الله تبارك وتعالى : ) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ( [24] يمحق فيه وجهان :
الوجه الأوّل : يمحق يعني يُزيل في اللغة , لكن كيف يمحق الله الربا ؟! بعض الناس يقول والله أنا أرى البنوك كل يوم تزيد أرصدته ! ، كيف تقولون أنّه يُمحَق ؟
نقول المحق على وجهين :
الوجه الأول : زواله بالكلية من يد صاحبه .
الوجه الثاني : زوال بركته , فلا ينتفع به بل يُعذِّبه ، ولذلك يُقال أنّ آكل الربا دائماً قلق على ماله , تجد عنده حب وجشع ، وما أقدم على هذه الكبيرة العظيمة إلا من جشعه , فتجده قلق , بدل من أن يكون المال راحة للإنسان يكون سبباً لشقائه .
وقد قصَّ لي أحد الإخوة قصة عجيبة تعجبّت منها كثيرا , يقول أنّ أحد الإخوة من الطيَّبين ، وهو صاحبنا الذّي قال لي عن الذين يأكلون الربا سكناً - قص لي قصة عن أحد الإخوة هناك يقول إنّه كان من الإخوة ، وكان عنده مبلغ ثلاث مائة ألف جنيه إسترليني واشترى بيت من البنك , اشتراه بالربا .
قلنا له : اشتري من مالك الموجود ؟
قال : لا , مالي هذا سأبيع واشتري فيه , هذه فرصة أشتري من البنك .
قلنا له : ربا .
قال : لا , الله قال ( يأكلون الربا ) .
يقول فاشترى من البنك , ويحدِّثني صاحبي يقول والله أعرفه كما أعرفك أنت , وكان هذا الرجل إقامته في البلد إقامة غير نظامية فلا يستطيع إيداع هذا المبلغ الكبير في البنك , فوضعه في بيته , فكأنَّ الله عز وجل أراد خُذلانه , فحدَّث بعض النَّاس أنّ عنده مبلغ من المال , فلمّا خرج أتى السُّراق وأخذ الثلاث مائة ألف كلها , وحلَّت عليه أقساط البنك .
يقول : والله رأيت ذلك الرجل المستقر بعد أكله الربا يسير في الشارع والناس يضحكون عليه , تغيّر رأيه من هول الصدمة .
الآن المال الذي جَمَعه طول عمره ثلاث مائة ألف جنيه إسترليني ذهب ! , وبَقِي عليه أَقساط البنك , والبُنوك هناك لا ترحم يمكن أن يحجرون عليه , فصَدق الله ) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ( .
إذاً يا إخوان المَحق
* إمّا يكون بزواله بالكُلِّية كم حصل لصاحبه .
* أو ذهاب بركته كما قال الله عز وجل : ) قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ( [25] .
وقال تعالى : ) وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ ( [26] .
وقال تعالى : ) وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ ( [27] .
وهذا من باب المعاملة بنقيض القصد كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : إنّ الربا وإن كثر فإنّ عاقبته تصير إلى قُلّ [28] يعني إلى قليل .
" وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ " وقُرِأ ويُربّي , أيّ يُكثّر ، ويُنمِّي ، ويُضاعِف ، ويزيد كما قلنا أنّه بخلاف الظاهر ، أنَّ الربا ظاهره الزيادة وهو محق , والصَّدقة ظاهرها النقص وهي زيادة .
) وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ( الله عز وجل لا يحب كفور القلب ، أثيم القول والفعل , والكفّار مبالغةٌ من الكفر وهو الذي يكثر فعل ما يكفر به ، والأثيم المتمادي في ارتكاب الإثم المُصرّ عليه .


[1] سورة يوسف 76 .
[2] طريق الهجرتين فصل في مراتب المكلفين في الدار الآخرة وطبقاتهم فيه .
[3] المرجع السابق .
[4] رواه ابن أبي حاتم ، قال : وروي عن عوف بن مالك ، وسعيد بن جبير ، والسدي ، والربيع بن أنس ، ومقاتل بن حيان ، نحو ذلك .
[5] الراوي : - المحدث : أحمد شاكر - المصدر : عمدة التفسير - الصفحة أو الرقم : 1/330 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح .
[6] سورة المائدة 95 .
[7] الراوي : عمرو بن الأحوص المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم : 3087 ، خلاصة حكم المحدث : حسن .
[8] الراوي : جابر بن عبدالله المحدث : الألباني - المصدر : السلسلة الضعيفة - الصفحة أو الرقم : 990 ، خلاصة حكم المحدث : ضعيف .
لما نزلت : ) الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من لم يذر المخابرة ، فليؤذن بحرب من الله ورسوله ) الراوي : جابر المحدث : أحمد شاكر - المصدر : عمدة التفسير - الصفحة أو الرقم : 1/331 ، خلاصة حكم المحدث : [ أشار في المقدمة إلى صحته ] .
[9] صحيح البخاري باب مَا جَاءَ فِي أَنَّ الْخَمْرَ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ مِنَ الشَّرَابِ .
[10] باب ( وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ) .
[11] الراوي : سعيد بن المسيب المحدث: أحمد شاكر - المصدر: مسند أحمد - الصفحة أو الرقم : 1/130 ، خلاصة حكم المحدث : إسناده ضعيف .
( إن آخر ما نزلت آية الربا وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض ولم يفسرها لنا فدعوا الربا والريبة ) الراوي : عمر بن الخطاب المحدث : الألباني - المصدر : صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم : 1860 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح .
[12] المستدرك على الصحيحين ، كتاب البيوع هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، تعليق الذهبي في التلخيص : على شرط البخاري ومسلم .
[13] مسند الإمام أحمد تعليق شعيب الأرناؤوط : إسناده ضعيف عباد بن راشد ضعيف لكنه متابع .
[14] سورة البقرة 281 .
[15] صحيح البخاري باب تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ .
[16] سورة النحل 67 .
[17] سورة البقرة 219 .
[18] سورة النساء 43 .
[19] سورة المائدة 90 .
[20] سورة الروم 39 .
[21] سورة النساء 160 .
[22] سورة آل عمران 130 .
[23] سورة البقرة 278 .
[24] سورة البقرة 276 .
[25] سورة المائدة 100 .
[26] سورة الأنفال 37 .
[27] سورة الروم 39 .
[28] الراوي : عبد الله بن مسعود المحدث : أحمد شاكر - المصدر : عمدة التفسير - الصفحة أو الرقم : 1/334 ، خلاصة حكم المحدث : [ أشار في المقدمة إلى صحته ] .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق